يؤمنون بمجيء الله تعالى يوم القيامة. وأما الكذب فإن أحدا من العلماء لم يذكر أن الآية نزلت في اليهود، بل السياق يدفع ذلك، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ، فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ، هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ ...﴾ . [سورة البقرة: ٢٠٨-٢١١]
قلت: فأنت ترى أن الخطاب موجه للمؤمنين، ولذلك قال ابن جرير في تفسيره "٤/ ٢٥٩" لقوله تعالى: ﴿فَإِنْ زَلَلْتُم..﴾:
" يعني بذلك جل ثناؤه، فإن أخطأتم الحق فضللتم عنه وخالفتم الإسلام وشرائعه من بعد ما جاءتكم حججي، وبينات هداي، واتضحت لكم صحة أمر الإسلام بالأدلة التي قطعت عذركم أيها المؤمنون - فاعلموا أن الله ذو عزة ... ".
نعم قد روى ابن جرير "٤/ ٢٥٥" عن عكرمة قوله ﴿ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً﴾ قال: نزلت في ثعلبة وعبد الله بن سلام وو ... كلهم من يهود، قالوا: يا رسول الله يوم السبت كنا نعظمه فدعنا فلنسبت فيه ... فنزلت ".
قلت: وهذا مع أنه في مؤمني اليهود لا يصح إسناده لإرساله، ولو صح لم يجز القول بأنها "نزلت في حق اليهود" لأنها تعني عند الإطلاق كفارهم، والواقع خلافه! فتأمل هذا رحمنا الله وإياك، هل تجد في هذه الآيات المصرحة بإتيان الله ومجيئه قرينة من تلك القرائن الثلاث تضطر السامع إلى فهم ذلك على المجاز لا الحقيقة؟ كلا، ثم كلا، ولكنهم لما فهموا مجئ الله تعالى مجيئا على نحو مجيء المخلوق، وهذا تشبيه حقا اضطرهم هذا الفهم الخاطئ إلى إنكاره ونسبته إلى اليهود! وصاروا إلى التأويل. وكان بوسعهم أن يثبتوا لله تعالى هذه الصفة كما أثبتها السلف دون تشبيه كما قال تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾، وإلا فهم على ذلك سيتأولون السمع والبصر أيضا، لأن الله تعالى قد أثبت للمخلوق سمعا وبصرا، في القرآن والسنة، فقد يقولون إننا إذا
1 / 24