94

فهلك ، وبقي مدة لا يعرف خبره ، فهجم عليه رجل يقال له : لوجيم من بني نقراوس ومعه جماعة فوجدوه على فراشه جيفة ، فأججوا له نارا أحرقوه فيها ، وسرح تلك النسوة إلى أزواجهن ، ثم أن :

** لوجيم جلس ملكا :

وعمد إلى تاج أبيه نقراوس فلبسه ، وأمر بجمع الناس ، فاجتمعوا ، فقام فيهم وتكلم وذكر ما كان عليه عرناق الأثيم من سوء السيرة واغتصاب النساء وسفك الدماء ورفض الهياكل واستخفافه / بالكهنة وغير ذلك.

ثم ضمن للناس العدل فيهم والإحسان إليهم والقيام بحقوقهم ، فأرضى الناس بذلك ، فأطاعوه. فركب يوما ، ودخل هيكل الشمس ، فقرب له بقرا كثيرا وسار في الناس العدل. وكانت الغربان ، والغرانيق ، قد كثرت في زمانه فأهلكت الزروع والغروس ، فعمل أربع منارات من نحاس في أربعة جوانب أمسوس ، وجعل على [كل] (1) منارة صورة غراب في فمه حية قد التوت عليه ، فزالت عنهم الغربان.

ولم تزل كذلك حتى أتلفها الطوفان ، فلما هلك لوجيم تولى بعده :

** حصليم الملك :

كان لهذا أخت يقال لها : جرادمة ، وكان لها جارية فائقة العقل والجمال ، فرآها الملك فعشقها ، فسأل أخته فيها ، فغضبت واعتزلت وبنت هيكلا للزهرة ، وتعبدت فيه مدة ثم رأت الزهرة تخاطبها وقد أمرتها بدفع تلك الجارية إلى أخيها ، ففعلت.

وحظيت الجارية عند الملك وقدمها وقربها دون غيرها. فلما كان ذلك طلبن لها الغوائل ، وكان الملك أقام أجل وزرائه لخدمتها فيأتيها في كل يوم ويقضي حوائجها إعظاما لها.

فولدت له ولدا لم يكن له غيره ، فزادت فيه قربة ومحبة ، فأضمرن له نساءه مكرا وقلن للملك : أم ولدك تحت وزيرك.

فأمر بقتلها قبل أن يتبصر في أمرها ، فاتصل الخبر بأخته ، فأرسلت للقاتل فاستوقفته ، ثم أنها دخلت على الملك ، وقالت : ما هذه عادة الملوك ، أن يعجلوا (2) بإتلاف قبل أن يتحقق الأمر.

قال : هكذا بلغني.

مخ ۱۰۳