224

ثم أن ملك بني إسرائيل كان يكرم يحيى بن زكريا وأنه هوى أن يتزوج بنت أخيه فسأله عن ذلك فنهاه. فبلغ ذلك أنها حقدت على يحيى ، ثم عمدت إلى الجارية فألبستها ثيابا رقاقا حمراء وطيبتها وألبستها من الحلي الفاخرة ومن فوق ذلك كساء أسود ، وأرسلتها إلى الملك في مجلسه وأمرتها أن تسقيه وتعرض نفسها له ، فإذا أرادها تمنعت عليه حتى يأتيها برأس يحيى في طشت.

ففعلت ، فلما أخذ منه الشراب راودها عن نفسها فقالت : لا أفعل حتى تعطيني ما أسألك.

قال : وما هو؟

قالت : تأتيني برأس يحيى / في طشت.

فقال : ويحك سلي غير هذا.

قالت : لا أسأل غيره. فلما أبت عليه أتى برأسه وهو يتكلم

فوضع بين يديه ، والرأس تقول بلسنها : لا يحل لك ذلك.

فلما أصبح إذا دمه يفور ويغلي. فأمر أن يلقى عليه ترابا. فرقي الدم فوق التراب يغلي ، فلم يزل يلقى عليه من التراب حتى بلغ سور المدينة وهو يغلي.

فبلغ صيحانين ملك بابل ، فنادى في الناس ، فأتاه بخت نصر على ... (1) فسار حتى وصل تحصنوا فلم يطقهم وجاع قومه وهم بالانصراف ، فخرجت له عجوز من بني إسرائيل ، فقالت : أين (2) أمير الجند؟ فدللت عليه ، فقالت : أرأيت إن فتحت لك المدينة تعطيني ما أسألك؟ فتقتل (3) من آمرك بقتله ، وتكف عمن آمرك؟

فقال لها : نعم.

فقالت : اقسم جيشك أربع فرق ، ثم اجعل في كل زاوية ربعا ، ثم ارفعوا أيديكم إلى السماء وقولوا : اللهم إنا نستفتحك بدم يحيى بن زكريا ، فإنها سوف تتساقط لكم.

ففعلوا فتساقطت المدينة ، فدخلوا من جوانبها.

فقالت : كف يدك واقتل على الدم حتى يسكن. وانطلقت به إلى دم يحيى بن زكريا فقتل عليه حتى سكن ، وكان عدتهم سبعين ألفا.

فلما سكن الدم قالت له : كف يدك فإن الله تعالى إذا قتل له نبي لم يرض حتى

مخ ۲۳۳