189

بلد خراب. ففعل حين دخلوا للسلام عليه. فأمر القصاد أن تسير إلى سائر مملكته أقصاها وأدناها حتى [يأتوا] (1) له بطوبة من بلد خراب.

فغابوا مدة ، ثم عادوا وليس مع أحد منهم شيء فخر عند ذلك ساجدا بقية يومه ، ثم رفع رأسه فقال لخواصه (2): إنما فعلت لأختبر ملكي هل هو عامر بالعدل أو خراب من الظلم والجور؟.

إن بعض من ملك الصين صم سمعه فبكى ، فقيل له : مما بكاؤك أيها الملك؟ هذا أمر مقدر.

فقال : أعلم ذلك ، وليس بكائي لفقد سمعي ، إنما بكائي كيف لا أسمع صوت المظلوم إذا علا صراخه؟ ولكن إن [كان] (3) سمعي قد ذهب فبصري باق ، نادوا في الرعية : لا يلبس أحمر إلا من كانت / له ظلامة. ففكان إذا جلس للحكم من يراه لابسا أحمر طلبه وأزال ظلامته.

** وركب بعض ملوك الفرس للصيد :

فساق خلف ظبية فلم يدركها ، وغاب عن جيشه لسرعة جواده ، فأدركه عطش ، فرأى قرية ، فعدل نحوها ، فلما وصلها وقف على أول باب منها وطرقه فخرجت له طفلة ، فقال لها : اسقني.

فدخلت الدار ، ثم عمدت إلى عقدة واحدة من قصب السكر (4) واعتصرتها في إناء ، ووضعت عليها ماء وخرجت به له.

فلما تناوله رآه عكرا فجعل يشربه لعكره قليلا قليلا حتى شربه ، ثم قال للطفلة : نعم الماء لولا عكره.

فقالت (5): يا سيدي ، إنما فعلته عن عمد.

فقال : ولم ذلك؟

قالت : لأني رأيتك عطشانا فعكرته لئلا يكون صافيا فتشربه نهلة واحدة فيضرك ويتولد منه داء في الكبد.

مخ ۱۹۸