104

وآمن (1) به وقص عليه رؤيته ، ثم صحبه ، هو ومن آمن معه ، وسأله أن يبين له دينه ، فعلمه ، وفرح به ، وقال : من يرد الله به خيرا لم يصرفه عنه أبدا ، فلزموا نوح عليه السلام وخدموه حتى ركبوا معه السفينة.

وأما فرعان ، فكان على ظلمه وتجبره وعداوته ، وكثر الظلم والهرج والمرج ، وهلكت المواشي وتلفت الزروع وأجدبت النواحي ، وظلم الخلق بعضهم بعضا ، وسدت الهياكل والبرابي وطينت أبوابها.

وجاءهم الطوفان ، وانهمل المطر عليهم يوم الأحد رابع وعشرين في الشهر ، وكان فرعان سكرانا ، فأفاق من حر ماء الطوفان هاربا نحو الهرم ، فتخلخلت الأرض به فطلب الأسراب فخانته رجلاه فسقط يخار ويخور كما يخور البقر ، وأهلكه الله تعالى بالطوفان ، ووصل الماء من الأهرام آخر التربيع ظاهرا إلى الآن ، وليس بين أهل التاريخ خلاف في عموم الماء جميع الأرض.

* ذكر ملوك مصر بعد الطوفان

أجمع أهل الأثر أن أول من ملك مصر بعد الطوفان فليمون بن مصريم بن حام بن نوح عليه السلام .

وأن فليمون لما ركب مع نوح عليه السلام سأله أن يخلطه بأهل فرج بنت فليمون من مصريم بن حام فولدت له ولدا سماه / فليمون مصر.

فلما قسم نوح عليه السلام الأرض بين أولاده (2) قال فليمون لنوح عليه السلام : أرسلني وولدي إلى بلدي.

فأظهر له كنوزا وأورثه علوما فأنفذه معه ومعهما جماعة من أهل بيته ، فلما قرب من مصر بنى له عريشا من أغصان الشجر ، وستره بحشيش ، ثم أنه (3) بنى بعد ذلك مدينة وسماها : درسان أي : باب الجنة .

فزرعوا ، وغرسوا الأشجار من درسان إلى البحر زروع ، وعمارة ، وأشجار مختلفة الثمار مونقة الأغصان.

وكان أصحاب الملك مصريم كلهم جبابرة عتاة ، قطعوا الصخور ، وبنوا المعالم ، والمصانع ، وأقاموا الأعلام.

مخ ۱۱۳