في ذكر الركوع والسجود قال الله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا } فالركوع* في الصلاة فرض في كتاب الله، فإذا فرغ الإنسان من القراءة خر راكعا بتكبيرة يقول الله أكبر، فإذا صار في حال الركوع وضع يديه على ركبتيه وساوى ظهره معتدلا، ولم ينكس رأسه ولم يرفعه، وتوسط في ذلك واستوى للركوع، وجعل نظره نحو موضع سجوده وسبح ثلاثا، وإن زاد أو نقص فلا نقض عليه، والأمور به ثلاثا، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا ركع لو وضع على ظهره قدح من ماء لم يتحرك، من اعتداله في ركوعه، ولما نزلت هذه الآية قوله: { فسبح باسم ربك العظيم } * قال لأصحابه: »اجعلوها في ركوعكم«، فسن بذلك سنة، فمن ترك التسبيح في ركوعه متعمدا انتقضت صلاته، وإن كان ناسيا فلا نقض عليه حتى ينسى التسبيح في أكثر ركوعه، وكذلك التكبير في الركوع للصلاة سنة، فمن تركه متعمدا فسدت صلاته، وإن نسي منه شيئا فلا فساد عليه، حتى ينسى ذلك في أكثر ركوعه، وإن شك في التكبيرة بعد أن جاوزها إلى التسبيح لم يرجع إلى الشك، وإن ذكر أنه نسيها قالها حيث ذكرها، وإن شك في التسبيح في السجود والركوع بعد أن جاوزه إلى حد القيام من الركوع لم يرجع إلى الشك، ويمضي في صلاته، وإن شك في الركوع وقد صار في السجود لم يرجع في الشك، ويمضي في صلاته، وإن ذكر أنه لم يسبح في الركوع فيسبح حيث ذكر، ولا يرجع الشك ولا يفسد صلاته بعد أن جاوزها إلى السجود، وأما الركوع إذا جاوزه إلى السجود ثم ذكر أنه لم يركع فإنه يرجع إلى حده فيركع ويبني على صلاته، وإذا جاوز ذلك إلى حد ثالث فسدت صلاته إذا لم يركع وجاوزه، وإذا فرغ من الركوع قام وقال سمع الله لمن حمده، واستوى قائما، حتى يرجع كل عضو إلى مفصله، ثم قال ربنا لك الحمد وهو سنة في الصلاة، ومن ترك قول سمع الله لمن حمده، أو ربنا لك الحمد متعمدا إذا صلى وحده، فسدت صلاته، فإن كان ناسيا فلا فساد عليه حتى ينسى ذلك في أكثر ركوعه، ثم تفسد صلاته، وإن ذكره وقد جاوزه قاله حيث ذكره، وقد اختلفوا في خلف الإمام، فقال قوم يقول: سمع الله لمن حمده، وقال آخرون لا يقولها، ويقول: ربنا لك الحمد، أو الحمد لله لا شريك له، وإن شك في قول سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد وقد جاوزه إلى السجود فلا يرجع إلى الشك، ثم يخر بتكبيرة في حال السجود، وهي سنة، من تركها عامدا فسدت صلاته، وإن نسي فلا فساد عليه حتى ينسى ذلك في أكثر صلاته، وإن شك فيها وهو ساجد لم يرجع إليها، وإن ذكر أنه نسيها وقد جاوزها قالها حيث ذكرها.
الباب الحادي والثلاثون
مخ ۴۴