فإذا أراد الجنب الغسل من الجنابة بدأ فغسل يديه، ثم غسل موضع النجاسة ثم توضأ وضوء الصلاة، ثم غسل رأسه يمينا وشمالا، ووجه وحلقه وعنقه، ثم يغسل يديه اليمنى وما يلي ذلك من بدنه، ثم يده اليسرى وما يلي ذلك من بدنه، وظهره وصدره، ويغسل رجليه اليمنى ثم اليسرى، ويبالغ في الغسل، فإنه قيل: تحت كل شعرة جنابة لمعنى التعبد يعمه الغسل، وغسل الجنابة والحيض سواء في الحكم، إلا أن الحائض تؤمر بحمل الغسل، ولا بأس أن يغتسل الرجل وامرأته من إناء واحد، يتنازعان الماء من الوعاء، وقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: غسلت أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصاعين ونصف من ماء من إناء واحد، كل واحد منا يقول لصاحبه أبق لي، فعلى هذا يجزئ الماء القليل للغسل، والوضوء أيضا القليل كاف، ولا خير في السرف في ذلك، ولا بأس بسؤر الحائض والجنب وما مساه من رطب أو يابس، ولا بأس بسؤرهما من الماء للوضوء والشراب، لأنهما ليسا بنجسين إلا موضع النجاسة من الجنابة والحيض، وسائر البدن طاهر ولا بأس بما مساه من رطب ويابس، وقيل: إن الجنب لا يجوز له أن يقرأ القرآن ويمنع دخول المسجد وكذلك الحائض وهما ممنوعان من ذلك، ومن حمل المصاحف والتعاويذ وإذا أراد الجنب دخول المسجد تيمم، ويجوز له بعد ذلك دخول المسجد وقراءة القرآن (وقيل يجوز للرجل أن يقضي شهوته في سائر بدن زوجته)*، وأما قولهم لا يتوضأ بفضل ماء المرأة، فذلك ماء أفضل من قطر وضوئها مما لاقى البدن، فذلك هو الفضل وذلك ماء مستعمل فلا يتوضأ به، وأما الماء الذي في الوعاء لم يحمله للوضوء فلا بأس به وثوب الجنب والحائض طاهر، وريقهما طاهر، وعرقهما طاهر، ولا بأس بمناومة الحائض، ما لم يقرب الفرج، فإن جماع الحائض في الفرج في حال الحيض حرام محرم*، ومن دخل نهرا وبدأ بالغسل قبل الوضوء فلا بأس به وأجزأه، ومن دخل نهرا له حركة أو موج فضربه فنضفه* أجزأه، إذا كان نيته في ذلك الغسل، ومن وقف في غيث للغسل حتى ينضفه أجزأه، وإذا عمم الماء بدن الجنب كله أجزأه مرة واحدة، والمأمور به ثلاثا، ومن كان به جراحة أو جبائر وخاف إن غسله أن يزداد علي غسل حتى إذا وصله أجرى الماء حوله سواء، ومن كان جنبا ولم يعلم بجنابته وصلى، ثم علم، غسل ثم أبدل ما صلى بغير غسل، والنية للغسل من الجنابة تقول: باسمك اللهم أغتسل من الجنابة الفريضة، ومن كل نجاسة، أداء عما علي من فرض غسلها، وطاعة لله ولرسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -، وقيل إن الجنب إذا اغتسل من الجنابة ولم يرق البول فإنه يلزمه الغسل ثانية إذا أراق، وإن صلى قبل أن يريق البول واغتسل فلا بدل عليه، وإذا كان في فلاة وأجنب خاف الهلاك من البرد، فاستنجى وتوضأ وصلى، ولم يتيمم لجنابته، فيعجبني أن يبدل صلاته، لأنه يوجد عن سليمان بن عثمان: لا بدل عليه ولا كفارة والله أعلم.
الباب الثامن عشر
مخ ۲۲