د بحر او لمر پرېوتل او نورې کيسې: د يوکيو ميشيما لنډ کيسې
البحر والغروب وقصص أخرى: مختارات قصصية ليوكيو ميشيما
ژانرونه
3
على الرغم من وجود قصر الوزير سايتو مجاورا لمنزلهما، فإنهما لم يسمعا أي صوت لإطلاق النار صباح يوم السادس والعشرين من فبراير. ولكن بعد انتهاء المأساة التي استغرقت عشر دقائق، خرق نومة الزوج صوت بوق التجمع الذي انطلق في الفجر المظلم الذي يتساقط فيه الجليد. قفز الزوج من فوق فراشه في قفزة واحدة، ودون أن ينبس بكلمة واحدة، ارتدى زيه العسكري، وتقلد (امتشق) سيفه الذي قدمته له زوجته، وخرج في عجل إلى الشارع وسط الثلوج في صباح لم يكتمل شروقه بعد. ولم يعد لمنزله حتى مساء الثامن والعشرين من فبراير.
ولم يمر الكثير من الوقت حتى علمت ريكو من خلال نشرة أخبار المذياع تفاصيل هذا الحادث المفاجئ كاملة. وعلى مدى يومين كاملين بعد ذلك عاشت ريكو بمفردها في هدوء تام وراء الأبواب المغلقة.
قرأت ريكو في صمت وجه زوجها الذي سارع إلى الخروج في ثلوج الصباح ، إصراره المسبق على الموت. وكانت على أتم الاستعداد للموت لحاقا بزوجها في حالة عدم عودته حيا كما خرج. وبهدوء تام كانت قد استعدت للتصرف في ممتلكاتها الشخصية. اختارت عددا من زميلات الدراسة لإهدائهن عددا من الكيمونو المخصص للزيارات كتذكار منها لهن، وكتبت اسم كل واحدة منهن وعنوانها على ورق التغليف لكل منها. ولأن زوجها كان يقول لها باستمرار في الأيام العادية ألا تفكر في الغد، فلم تكن تسجل يومياتها؛ ولذا فقدت ريكو متعة إعادة قراءة يوميات تلك الأيام السعيدة في الأشهر الماضية بتمعن ثم إلقائها في النيران. كان يوجد بجانب المذياع فخاريات صغيرة الحجم لكلب وأرنب وسنجاب ودب وثعلب. بالإضافة لذلك كانت توجد مزهرية صغيرة من الفخار وجرة ماء. تلك كانت كل ما تملكه ريكو من مقتنيات. ولكن إعطاء مثل هذه الأشياء كتذكار أمر لا جدوى منه. ولا تصل قيمتها إلى حد وضعها معها في التابوت. عند ذلك بدا لها أن تلك الحيوانات الفخارية الصغيرة بدأت تمتلئ بملامح الحزن والوحدة.
أخذت ريكو السنجاب في يدها، وبدا لها في الأفق البعيد لتشبثها الطفولي بهم ما يشبه عدالة كالشمس التي يجسدها زوجها. فرغم أنها قد قررت التضحية بنفسها بمنتهى السعادة مع الشمس المشعة، فإنها انغمست بمفردها لسويعات معدودة في ذلك التشبث الطفولي البريء. فقد أحبت تلك الأشياء بحق في الماضي فقط. أما الآن؛ فهي لا تحب سوى ذكريات حبها هذا لتلك الأشياء؛ فقلبها يمتلأ بأشياء أكثر عنفا وسعادة أكثر جنونا. بل إن ريكو لم تفكر أبدا أن تطلق ولو مرة واحدة على اللذة الجسدية التي تأتي مرتجفة ليلا ونهارا مجرد اسم المتعة. تختزن أصابع اليد الجميلة برودة ملمس السنجاب الفخاري الذي يشبه الثلج، علاوة على برودة شهر فبراير. ولكن حتى أثناء ذلك، عندما تتذكر لحظة امتداد ذراع زوجها القوي إليها عند الأكمام، تحت ذات الكيمونو الحريري الذي ترتديه الآن بإحكام، تحس ريكو بطراوة لحم الجسد الساخن الذي يذيب الجليد.
إنها لم تكن تخاف على الإطلاق من الموت الذي يطفو على وعيها، بل إن ريكو وهي تنتظر وحدها في المنزل، تؤمن بقوة أن ما يحسه زوجها الآن، وما يفكر فيه، رغباته، ومعاناته، وتفكيره كله سيقودها إلى موت ممتع بالضبط كما كان يفعل جسد زوجها تماما. تؤمن أن جسدها يمكن أن يذوب بسهولة في أي قطعة من قطع تلك الأفكار.
هكذا كانت ريكو تسمع بحرص نشرة الإخبار كل ساعة من المذياع، وعرفت أن عددا من أصدقاء زوجها الحميمين كانت أسماؤهم من بين الذين قاموا بالهبة. كان ذلك خبر الموت! عرفت الأحداث بتفاصيلها وأنها يوما بعد يوم تأخذ شكلا لا يمكن التهاون معه، وربما يصدر مرسوم للإمبراطور بين لحظة وأخرى، وأن الهبة التي كان يعتقد أنها قامت في البداية من أجل الإصلاح والثورة، كانت في سبيلها إلى الوصم باسم التمرد سيئ السمعة. لم يكن هناك أي اتصال من الفوج. لا أحد يعلم متى يبدأ القتال في طرقات المدينة التي تغطيها الثلوج.
وفي وقت غروب شمس يوم الثامن والعشرين من فبراير، سمعت ريكو، وهي تشعر برعب هائل، صوت طرق عنيف على الباب. اقتربت مسرعة ثم فتحت القفل بيد ترتعش. وقد عرفت دون كلام، أن الظل الماثل وراء الزجاج المصقول هو زوجها بلا أي شك. ولم تشعر ريكو أن الباب المنزلق عسير في فتحه إلى هذه الدرجة قبل الآن. من أجل ذلك كان المزلاج عنيدا في يدها، واستغرق وقتا طويلا في فتحه.
قبل أن يفتح الباب حتى آخره، كان زوجها يقف على الأرضية الأسمنتية بمدخل البيت، مرتديا المعطف الكاكي، ومنتعلا الحذاء الطويل الذي أثقله طمي وثلج الطريق. وبمجرد أن أغلق الباب وراءه، أعاد المزلاج مرة أخرى إلى ما كان عليه من إغلاق. ولم تفهم ريكو ما مغزى ذلك. «عود حميد إلى بيتك.»
انحنت ريكو عميقا وهي تقول ذلك، ولكن زوجها لم ينبس بأي رد. بل نزع سيفه العسكري، ثم بدأ في خلع المعطف؛ فاستدارت ريكو خلفه لتساعده. انزلق المعطف البارد والرطب والذي فقد الرائحة العفنة لروث الخيل بعد تعرض لأشعة الشمس، بثقله بين ذراعيها. علقته في المشجب الخاص به، ثم احتضنت السيف وتبعت زوجها الذي كان قد خلع حذاءه الطويل، وصعد إلى غرفة المعيشة. إنها الغرفة الصغرى في الطابق السفلي.
ناپیژندل شوی مخ