سيداتي، سادتي
هذه نادرة من نوادر الطفيليين، إذا لم تكن وقعت كما رويت، وكانت من تلفيق الخيال، فهي ولا شك تعطينا فكرة ولو تقريبية، عن احتراف مهنة التطفيل ذلك العصر في بغداد، ومهارة أصحابه فيه.
ولولا انقضاء الوقت المقسوم لي لحدثتكم عن بعض من شهدنا من الطفيليين في العصر الحديث، وأعني أولئك الذين انقرضوا بانقراض ما يدعوه المصريون «بالأفراح»، ثم أخذنا بالحديث عن المتطفلين في الوقت الحاضر، أعني الطفيليين «المودرن».
ولعل لنا إلى هؤلاء وهؤلاء كرة إن شاء الله.
التطفيل والطفيليون1 في الجيل
الماضي
كنت قد أذعت من محطة الراديو في شهر أغسطس من سنة 1934 حديثا عن التطفيل وقدامى الطفيليين، وأوردت فيه طائفة من ملحهم ونوادرهم، وما قيل فيهم، وما قالوا هم في أنفسهم، ومواتاة بدائههم في لطف احتجاجهم لاقتحامهم على الناس موائدهم، وتهافتهم على طعامهم من غير دعوة إليه، وتعرضهم في هذا لألوان المكروه من الشتم والسب، والطرد والضرب إلخ.
ووعدت في غاية الحديث أن أجرد «محاضرة» للطفيليين في الجيل الماضي، وقد عنيت الطفيليين المحترفين، وهؤلاء قد انقرضوا وخلا وجه مصر منهم، بذهاب العادة التي كانت شائعة في هذه البلاد إلى زمن قريب، وهي إقامة الأعراس (الأفراح) وما إليها مما كان المصريون يتنافسون فيه، ويتكاثرون به في المناسبات المختلفة من نحو العودة من الحج، وختان الولد، وولادة البكر من البنين وغير ذلك.
وكانوا يدعون بالمغنين ومشهوري قراء القرآن العظيم، ومرتلي مولد النبي الأكرم
صلى الله عليه وسلم ، كل على قدر حاله وجهد ثروته، فمنهم من يدعون بالمرحوم عبده أفندي الحامولي، أو المرحوم الشيخ يوسف المنيلاوي، أو يدعونهما معا، وهؤلاء خاصة الخاصة من طبقة «الذوات»، أما المرحوم محمد أفندي عثمان فكان من قسم أوساط الناس، حيث لا يقام على سرادقاتهم حرس ولا حجاب، ولا شرط يدفعون الناس عن الأبواب، وبهذا كان عثمان مغني الشعب حقا، وما تقول فيه تجريه على المرحومين: محمد أفندي سالم، والشيخ محمد الشنتوري، وإبراهيم أفندي القباني، وأحمد أفندي فريد، والسيد أحمد صابر، كانت طبقة «أولاد البلد» القح، وأعني بهم طائفة المقدمين، ورؤساء الصناع (المعلمين)، ومهرتهم لا يعدلون بالسيد أحمد صابر مغنيا آخر.
ناپیژندل شوی مخ