كتب تحت هذا العنوان يعزي عزيزا في عزيز:
لست أرى امرءا أحق بالشفقة وأولى بالرحمة من هذا الذي قدر لنفسه طول السلامة ودوام الأمن، فلم يدخل قط في حسابه صروف الأقدار، ولا ما عسى أن يجيء به الليل والنهار، حتى إذا امتحنه الدهر في نفسه أو في ولده، أو في أحب الناس إليه من أهله وغير أهله، انخلع قلبه، وكاد الهلع يأتي عليه؛ ورأى أن صبره أوهن من أن يحتمل الرزيئة، وجلده أرق من أن يصمد لما حاق به من البلاء!
وطول الجزع إذا لم يورث العلة ويخلف الداء، فإنه قمين بأن يكدر العيش ويخبث النفس، حتى لا يكاد المرء يرى في هذه الدنيا إلا ظلاما ووحشة ومنكرا ومكروها، وماذا لعمري وراء ذلك من مفسدات الحياة؟
كل هذا من ركون الإنسان إلى موادعة الدهر، والتفاته عن مواقع محنه ورزاياه، ولو قدر هذا وأعاره صدرا من لحظه، وأولاه شطرا من تقديره، لأخذ نفسه بالاستعداد لكل ما عسى أن يكون: فراضها على احتمال المكروه، وطامنها إلى أن الإنسان ما دام قائما في هذه الحياة فهو هدف لأحداث الزمان، فإذا وقعت الواقعة كان من القوة والجلد والتمنع بحيث لا يهده الجزع، ولا يقوضه الحادث الجسام.
اللهم إنه لا عذر لنا في الغفلة عن صروف القدر، والاستراحة إلى موادعة الأيام، وهذا الدهر - من يوم كان الدهر - لا يزال يرمي بسهامه دراكا عن أيماننا وعن شمائلنا، ومن قدامنا ومن ورائنا؛ فلا يطيش له سهم أبدا، فلماذا نقدر لنا نحن السلامة والأمن والعافية على طول الزمان؟
هذا الموت! ومن ذا الذي سلم على الموت، ومن ذا الذي سيسلم على الموت؟ إليه مصير كل حي، ولا حيلة فيه أبدا
كل شيء هالك إلا وجهه
تعالى الله،
إنك ميت وإنهم ميتون
صدق الله العظيم.
ناپیژندل شوی مخ