5
حوائطه بالعنبر، ولا تدلت من سقوفه معاليق الجوهر، على أنه يملأك من روعة وجمال، لم تستشعرهما دهرك في حقيقة ولا خيال، إنما هو المال والعلم والذوق، تظاهر ثلاثتها على إخراج هذا البدع كله، وما شاء الله كان!
دعك من ظاهر هذا البناء، فلقد تجد له في البنيات أشباها؛ على أنه أوفى على الغاية من الفخامة والإحسان، وخذ بنا في جوفه، فهناك ينفغر الفم، ويتحير النظر، ويتعلق النفس، ويزيغ اللب في هذه الفتنة.
يستقبلك من الباب مصراعان عظيمان طبعا من الصفر، قد جالت فيهما أمهر الأيدي بأدق النقش وأحسن التزيين؛ فتراه كله قائما على أشكال هندسية بديعة مفرغة في متن المصراع تفريغا، فإذا جزته وصرت إلى المدخل فرفعت النظر إلى حوائطه كاد ينزلق عليها لشدة ملوستها انزلاقا؛ فقد كسيت بالمرمر الأملد من الصبح
6
واللؤلؤاني، تتمشى في صفحتها جداول دقيقة من الخضرة؛ حتى إنها لتمثل لك عروسا صقلت عارضها حتى تم إشراقه؛ وشف جلده فبانت من دونه أعراقه.
وتجد بين يديك سلما أي سلم! لقد اقتلعه «بنك مصر» صخرا من جبال أسوان من ذلك «الجرانيت» الأحمر الصلب الذي تراه في تماثيل قدماء المصريين، ثم بعث به إلى ألمانيا فنحت وسوي درجا عظيما مؤطرا بأبدع النقوش.
فإذا أنت ارتفعت على هذا السلم حتى غايته، فأنت في بهو عظيم يترامى فيه النظر، فيكون أول ما ينطق به اللسان: ما شاء الله كان! وأول ما يجول به الخاطر الندامة على أن ليس لك في كل جارحة عين، ففي كل شبر بدع، وفي كل فتر إحسان! وهيهات أن تحط بصرك على موضع في سقف هذا البهو، أو في أرضه أو في جدره أو عمده وكل ما قام فيه، فهان عليك أن تحوله عنه من جمال ومن إبداع!
وقد سقفت حواشي البهو الأربع بسقوف تعتمد على جدره من جهة، وعلى عمد من المرمر الأصفر مربعة من الجهة الأخرى، وأما بهرته
7
ناپیژندل شوی مخ