وقد كان المعتضد عباد حين تصرمت أيامه، وتدانى حمامه استحضر مغنيًا يغنيه، ليجعل ما يبدأ به فالًا، وكان المغني السوسي فأول شعر قاله:
نطوي المنازل علمًا أن ستطوينا ... فشعشعيها بماء المزن واسقينا
فمات بعد خمسة أيام، وكان الغناء من هذا الشعر في خمسة أبيات. قال ابن اللبانة في كتاب"نظم السلوك في مواعظ الملوك في أخبار الدولة العبادية" أن طائفة من أصحاب المعتمد خامرت عليه، فأعلم باعتقادها وكشف له عن مرادها، وحض على هتك حرمها، وأغري بسفك دمها، فأبى ذلك مجده الأثيل، ومذهبه الجميل، وما خصه الله به من حسن اليقين وصحة الدين، إلى أن أمكنتهم الغرة، فانتصروا ببغاث مستنسر، وقاموا بجمع غير مستبصر، فبرز من قصره متلافيا لأمره، عليه غلالة ترف على جسده، وسيفه يتلظى في يده:
وذاك السيف راق وراع حتى ... كأن عليه شيمة منتضيه
1 / 19