19 - وقلت يوما لأحمد بن محمد المعروف بابن أبي عصمة كاتب أحمد ابن طغان -وكان لي صديقا مصافيا-: ((قد كثر الناس في إصابتك مع ابن طغان!))، فقال: ((ما أخطئوا في التكثير، وكان صاحبي سمحا، ولقد أصابني منه في جهة واحدة ثلاثون ألف دينار))، فسألته عن تلك الجهة، فقال: ((كان لا يمسك مالا، ولا يعتقد ذخيرة، فقال لي يوما: ((لم يصبح في حاصلي درهم واحد، فاستسلف لي شيئا أنفقه)). فمضيت إلى منزلي فحملت إليه ألف دينار. فلما وضعتها بين يديه، فتح الكيس وقلب ما فيه، فلما رأى الدنانير صحاحا جيدة، قال: ((ما هذه دنانير صيرفي، فبحياتي ممن أخذتها؟))، فقلت له: ((كانت عندي))، فقال: ((ما ظننت هذا موضعك!))، وسكت.
وكان له في كل شهر ألف دينار نزل، فجئته به عند استيجابه إياه، فقال لي: ((ما هذا؟))، قلت: ((النزل))، فقال: ((اقض به دنانير الرجل)). ثم جئته به مرة أخرى بنزل الشهر الثاني، فقال: ((اصرفه إلى الرجل))، قلت: ((قد قضيته!))، فقال: ((اصرفه إليه كما آمرك)). فلم يزل يفعل بي هذا حتى مضى ثلاثون شهرا حصلت فيها ثلاثين ألف دينار)).
مخ ۳۵