مجمل تاريخ دمیاط : سیاسیا و اقتصادیا
مجمل تاريخ دمياط : سياسيا واقتصاديا
ژانرونه
ولما دخل الإنجليز الإسكندرية وانتصروا في وقعة التل الكبير، ضعفت الهمم، وبدا أن المقاومة لم تعد مجدية، ولكن البطل عبد العال حلمي قائد دمياط أبى التسليم في أول الأمر، وحاول أن يقنع الجند والأهلين أن عرابي لا يزال يقاوم، ودعاهم للقتال، ولكن أخبار تسليم طابية الجميل وصلت إلى دمياط؛ فضعفت العزائم، وأرسل الجنرال «وود» فرقة من جيشه إلى دمياط، وأرسل قائدها - وهو في السنانية - إلى عبد العال حلمي يطلب إليه التسليم، فرفض أيضا، فعبر الإنجليز النيل إلى دمياط ودخلوا الثكنات وقبضوا على عبد العال، وأرسلوه إلى القاهرة حيث حوكم مع زعماء الثورة، وحكم عليه بالنفي، فنفي إلى «كولمبو» ميناء سيلان، وبها توفي ودفن في 19 مارس سنة 1891. أما آلاي دمياط فقد سرح الإنجليز جنوده، وأمروهم بالعودة إلى بلادهم، ثم خربوا ثكنات السنانية ودمياط وهدموها جميعا بعد أن جردوها من سلاحها تجريدا تاما وأتلفوا مدافعها.
كلمة أخيرة
بين الجديد والقديم
هذه هي دمياط حتى أواخر القرن التاسع عشر، أما دمياط القرن العشرين، دمياط المعاصرة، دمياط فؤاد الكبير وفاروق العظيم، فهي ماثلة بين أعيننا، وهي لا تزال تخطو نحو الازدهار والمجد خطوات وئيدة، ولكنها وثيقة ناجحة.
ونحن إن كنا نأمل - مع أهل دمياط - في شيء، فذلك أن يعنى أولو الأمر بتنفيذ المشروعات الإصلاحية التي تعيد للمدينة سابق مجدها، وخاصة مشروع الميناء، ومشروع طريق دمياط بورسعيد، ومشروع المجاري ... إلخ. ودمياط في رأينا أيضا مدينة صالحة جدا لإنشاء جامعة بها، إن الإسراع بتنفيذ هذه المشروعات يطفر بدمياط طفرة سريعة إلى الأمام.
أما دمياط القديمة فلها علينا أيضا حقوق، ومن حقها علينا أن تعنى الجامعات بعمل حفائر علمية بها وبتنيس؛ لتحديد موقع المدينتين ومعالمهما القديمة، وأن تعنى مصلحة الآثار العربية بالمحافظة على ما بقي بالمدينة من وكائل وخانات ومساجد؛ فهي جميعا صورة جميلة لدمياط القديمة، ومن الأسف أن الدمياطيين أهملوا هذه الناحية إهمالا تاما في السنوات الأخيرة؛ فتركوا وزارة الأوقاف تبيع الوكائل القديمة وتهدمها دون أن تستدعي مصلحة الآثار لإبداء رأيها ودراسة هذه المنشآت والمحافظة عليها، أو تصويرها ودراستها قبل هدمها. كما تركوا مهندسي البلدية يهدمون منارات المساجد القديمة ومبانيها دون تقدير لأهميتها الأثرية والفنية والتاريخية.
تاريخ المدينة الاقتصادي
التاريخ التجاري
كان يقع على ساحل مصر الشرقي ثغور ثلاثة: دمياط وتنيس والفرما، وكانت دمياط في العصور القديمة أقل هذه المدن أهمية، غير أنها جميعا لعبت دورا خطيرا في تاريخ مصر التجاري في العصور القديمة والوسطى؛ وذلك لأن تجارة الشرق الأقصى الوافدة عبر البحر الأحمر كانت تصل إما إلى عيذاب، ومنها تحمل بطريق القوافل إلى أسوان، ثم تنحدر في السفن شمالا إلى العاصمة عند قمة الدلتا، ثم إلى دمياط أو الإسكندرية، وإما أن تصل إلى القلزم (السويس الحالية) حيث تحمل بطريق القوافل إلى الفرما أو إلى العاصمة، ثم تشحن بطريق النيل إلى دمياط أو الإسكندرية.
وكانت التجارة الواصلة إلى الفرما أو دمياط تصدر إلى سواحل البحر الأبيض المتوسط الشرقية، وخاصة سوريا وآسيا الصغرى واليونان، وإليهما كانت ترد بضائع هذه الأقطار، وقلما كانت ترد إلى هاتين المدينتين أو تصدر عنهما سفن غرب أوروبا، فقد كانت الإسكندرية هي مركز الاتصال التجاري بين مصر وغرب أوروبا؛ فهي أقرب إليه من دمياط، أما تنيس فكانت تصدر عنها إلى الشرق منتجاتها الصناعية وخاصة المنسوجات.
ناپیژندل شوی مخ