على غير إعذار منه إليهم، وأخذهم على غرة، من غير إنذار منه لهم؟ ويقال لهم: أخبرونا عنكم، ألستم تقولون بحدوث العالم، وإثبات المحدث له، وتقرون بالصانع والصنعة؟ قالوا: بلى، قيل لهم: من أين علمتم ذلك، ومن أي وجه استدللتم عليه؟ فإن قالوا: وجدنا هذه الصنعة محتملة التدبير لما فيها من آثار التقدير، فعلمنا أن ذلك لم يكن إلا من صانع مدبر حكيم، ووجدنا هذه الخلائق غير محتملين لأن يكونوا فاعلين لشيء من هذه الأشياء لظهور عجزهم، وقصر منتهى قدرتهم على أن يفعلوا شيئا منا يشبه هذه الصنعة، قيل لهم: فهذه الأشياء الظاهرة على أيدي الرسل، والأجسام الحادثة من أجل دعواهم، أهي مما يحتمل الخلق أن يفعله، أو مما لا يحتمله؟ فإن قالوا: مما يحتمل الخلق فعله، قيل لهم: كيف حتى احتملوا فعل شيء من هذه العجائب التي ظهرت على أيدي الرسل، ولم يحتملوا الأمر الأول؟ وكل ذلك ليس هو من جنس أفعال الخلق، ولا من جنس ما يأتون بمثله، ولو كانوا عليه جميعا متظاهرين، فإن قالوا: إن ظهور هذه الأشياء التي أدعيتم أنها ظهرت على أيدي الرسل لم يثبت عندنا تحقيقها، وإنما هي بأخبار، والأخبار عندنا لا تثبت حجة، قيل لهم: فهل تحقق عندكم قط، أو وقع في قلوبكم شيء من العالم بأن في هذا العالم وفي هذه الأرض من أول الزمان (¬1)
¬__________
(¬1) - الزمان: هو عبارة عن امتداد موهوم غير قار الذات، متصل الأجزاء، يعني أي جزء يفرض في ذلك الامتداد لا يكون نهاية لطرف أو بداية لطرف آخر.
والزمان عند أرسطو ومتابعيه من المشائين: هو مقدار حركة الفلك الأعظم الملقب بالفلك الأطلسي لخلوه من النقوش، كالثوب الأطلسي إن صح، والآن الذي هو حد الزمانين: الماضي والمستقبل نهاية الزمان، ونهاية الشيء خارجة عنه.
والزمان: من أقسام الأعراض، وليس من المشخص، فإنه غير قار، والحال فيه قار.
راجع الكليات 2/405 406 بتصرف، والمعجم الفلسفي 2/210 بتصرف.
مخ ۵۱