... وذلك أن البراهمة أنكروا جميع الرسل، وأبطلوا الرسالة، وزعموا أن الذي حملهم على ما قالوا: أنه لما كان الله تبارك وتعالى خلق عباده محتملين لأمره ونهيه ثبت أنه لم يأمرهم ولم ينههم، إلا وقد جعل فيهم آلة يميزون بها ما بين الأمر والنهي، والطاعة، والمعصية، والحسن، والقبيح فأغناهم بذلك عن كل علم، من علم دينه، وليس في بعث الرسل بزعمهم مع هذا حكمة، فمن هذا الوجه أبطلوا رسالة الرسل، وزعموا أنها ليست من الحكمة (¬1) ومنهم من أثبت رسالة آدم (¬2)
¬__________
(¬1) - الحكمة: هي العدل، والحكم، والعلم، والنبوة، والقرآن، والإنجيل، ووضع الشيء في موضعه، وصواب الأمر وسداده، وأفعال الله كذلك.
وفي عرف العلماء: هي استعمال النفس الإنسانية باقتباس العلوم النظرية، واكتساب الملكة التامة على الأفعال الفاضلة قدر طاقتها، وقال بعضهم: الحكمة هي معرفة الحقائق على ما هي عليه بقدر الاستطاعة، وهي العلم النافع المشار إليه بقوله تعالى: {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا} (سورة البقرة: 269).
راجع بصائر ذوي التمييز 2/157، والمفردات في غريب القرآن الكريم ص 127.
(¬2) - رسل: أصل الرسل: الانبعاث على التودد، ويقال ناقة رسلة: سهلة السير، وابل مراسيل: منبعثة انبعاثا سهلا، ومنه الرسول المنبعث ، وتصور منه تارة الرفق، فقيل على رسلك إذا أمرته بالرفق، وتارة الانبعاث، فاشتق منه الرسول، والرسول تارة يقال للقول المتحمل كقول الشاعر: ألا أبلغ أبا حفص رسولا، وتارة لمحتمل القول والرسالة، والرسول يقال للواحد والجمع، قال تعالى: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} (سورة التوبة: 128) وقال: {إنا رسول رب العالمين} (سورة الشعراء: 16).
وجمع الرسول: رسل، ورسل الله تارة يراد بها الملائكة، قال تعالى: {إنه لقول رسول كريم} (سورة الحاقة:10)، وقوله: {إنا رسل ربك لن يصلوا إليك} (سورة هود:81)، ومن الأنبياء: {وما محمد إلا رسول} (سورة آل عمران:144).
مخ ۴۸