176

موجز

الموجز لأبي عمار عبد الكافي تخريج عميرة

ژانرونه

وكذلك يسألون عن قوله تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناضرة} (¬1) ، فيقال لهم: أذلك عندكم على معنى رؤية الأبصار، ودرك الألوان في ضروب من الألوان، وتحديد المكان، إذا كان الذي يرى في مكان غير مكان الذي يرى فيه، أم على معنى غير ذلك من الذي فسرنا وبينا، من أن النظر إنما أراد به الانتظار والترقب لما يأتي من عند الله من جزيل ثوابه؟ فإن قالوا: إنما ذلك على ما يوجد في المعقول: من رؤية الأبصار، ودرك الألوان، وتحديد المكان، كفيت مؤونتهم، وألحقناهم بإخوانهم الأولين، فكان الرد عليهم واحدا، وإن قالوا: إنا لا نقول في ذلك بمثل قولهم، ولا نرضى بمنزلتهم؛ ولكنا نقول كما قال إنه يرى، ولا نثبت لونا، ولا غير لون، ولا تحديدا في مكان، ولا غير مكان، ولا نعدو ما قال عز وجل من ذلك، قلنا: بل عدوتم إلى غير الذي قال جل اسمه، حين زعمتم أنه يرى بالأبصار، ويدرك بالأعيان، وهو يقول: {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار} (¬2) ،

¬__________

(¬1) سورة القيامة آية رقم 22/ 23.

(¬2) سورة الأنعام آية رقم 103. بين سبحانه أنه منزه عن سمات الحدوث، ومنها الإدراك بمعنى الإحاطة والتحديد. واختلف السلف في رؤية نبينا عليه السلام ربه، ففي صحيح مسلم عن مسروق قال: كنت متكئا عند عائشة فجلست فقلت يا أم المؤمنين انظريني ولا تعجليني، ألم يقل الله عز وجل: {ولقد رآه بالأفق المبين}، {ولقد رآه نزلة أخرى} فقالت: أنا أول هذه الأمة من سأل عن ذلك رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ فقال: إنما هو جبريل لم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين رأيته منهبطا من السماء سادا، عظم ما بين السماء والأرض، فقالت: ألم تسمع أن الله عز وجل يقول: {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير}، أولم تسمع أن الله عز وجل يقول: {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا}..فقال ومن زعم أن محمدا _صلى الله عليه وسلم_ كتم شيئا من كتاب الله فقد أعظم على الله الفرية، والله تعالى يقول: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} (سورة المائدة: 67)، قالت: ومن زعم أنه يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية، والله تعالى يقول: {قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله} (سورة النحل:65).

مخ ۱۷۶