ويقال للمشبهة من أصحاب الغلط في تأويل كتاب الله، أهل التحريف لحديث رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ ممن يأبى التسمية بالجسم بزعمهم، أخبرونا عن قول الله عز وجل: {الرحمن على العرش استوى} (¬1) ، ما تأويله عندكم، وما مخرجه؟ أعلى ما يعقل من الحلول والتمكن على العرش كما يستوي الملك على سريره، أم على الذي قلناه في ذلك من معنى الاستيلاء والملك والحفظ والقدرة، والمنع له من الزوال، كما استوى على جميع خلقه: من العرش وغيره؟ فإن قالوا: على ما يعقل من الحلول والتمكن من العرش، كما استوى على سريره لحقوا بإخوانهم من أهل التشبيه المحض، القائلين بالتجسيم على حقيقته، فكان النقض عليهم كهو على إخوانهم المتقدمين، وإن قالوا: إن الاستواء على غير سبيل الحلول والتمكن والملازقة، قلنا: فعلى ماذا إذا؟ قالوا: إنا لا نعدو ما قال الله عز وجل، ولا نجاوزه إلى ما سواه، ولا نقول على المعقول من المحلول (¬2)
¬__________
(¬1) سورة طه آية رقم 5.
(¬2) الحلول: اصطلاح فلسفي من حل، ومن استعمالاته القديمة في علم الكلام في الإسلام: علاقة بين جسم ومكانه، أو عرض وذاته، ويستعمل الحلول أيضا للدلالة على الاتحاد الجوهري بين الروح والبدن أو الجسم، أو بين العقل الفعال والإنسان. (الفارابي: آراء أهل المدينة الفاضلة)، وكذلك يستعمل الحلول للدلالة على حلول اللاهوت في الناسوت (عند النصارى). على أن جميع المتكلمين المسلمين رفضوا هذه النظرية، وإن كان بعضهم يقره في حلول الملاك أو الجن في جسم الإنسان، وينكرونه على معنى حلول الذات الإلهية في جسم الإنسان، أي التجسيد، أو انتقالها من جسم إلى آخر بالتناسخ.
ومن الذين قالوا بالحلول غلاة الشيعة: السبئية، والبيانة، والجناحية، والخطابية، والنجدية (النصيرية) والمقنعية، والرزامية، والباطنية، والعزاقرة، والدروز، والشباسية، وأنصار وحدة الوجود الاتحادية. راجع منتهى المدارك، طبعة القاهرة: 1293ه، ج 2 ص 84 86، وانظر مادة (ابن العربي) والسلمي: غلطات الصوفية، والهجويري كشف المحجوب ص 260 264، والغزالي: المقصد الأسنى: القاهرة 1324ه، التهانوي: كشاف اصطلاحات الفنون.
مخ ۱۷۴