143

موجز

الموجز لأبي عمار عبد الكافي تخريج عميرة

ژانرونه

وإنما ذكرنا تأويل المشبهة لهذه الآية؛ لأنه يشبه تأويل أصحاب الرؤية للآية التي ذكر الله فيها الزيادة. عن عاصم بن كليب قال: رأيت سعيد بن جبير غضب غضبا شديدا لم أره غضب مثله قط، فقال: أتقولون قولا عظيما، يعني التشبيه الذي ذكروا، قال سعيد: إنما يعني يوم يكشف عن الأمر الشديد (¬1) ، ثم قال سعيد في حديث ابن كليب: لو علمت من يقول هذا التشبيه لفعلت وفعلت، فإن قالوا: قد قال الله عز وجل لموسى _صلى الله عليه وسلم_: {ولتصنع على عيني} (¬2) فوجب علينا أن نجعل له عينا كما قال، قلنا: فقد قال لنوح _صلى الله عليه وسلم_: {واصنع الفلك بأعيننا} (¬3) ، وقال: {تجري بأعيننا} (¬4) ، فقالوا: إن له عيونا، ويجب عليكم إذا قضيتم بظاهر اللفظ على المعاني، ولم تصرفوه إلى ما يجوز أن تقولوا: لا ندري لعل له ثلاثة أعين، أو ثلاثين عينا؛ لأن قوله أعين يحتمل ذلك وغيره، وأنتم إذا جعلتم له عينا فإنما تذهبون إلى ما تعرفون من صورة آدم _صلى الله عليه وسلم_، وذلك على قولكم: إن الله خلق آدم على صورته (¬5) ،

¬__________

(¬1) يؤيد ذلك ما يرويه الطبري عند تفسيره لهذه الآية قال: قال جماعة من الصحابة والتابعين من أهل التأويل: يبدو عن أمر شديد، وقال: حدثنا ابن حميد قال: "ثنا مهران عن سفيان عن المغيرة عن إبراهيم عن ابن عباس يوم يكشف عن ساق" قال: عن أمر عظيم.

(¬2) سورة طه آية رقم 39.

(¬3) سورة هود آية رقم 37.

(¬4) سورة القمر آية رقم 14. يقول الزمخشري: "بأعيننا" في موضع الحال بمعنى أصنعها محفوظا برعايتنا. ويقول الرازي في أساس التقديس عند الكلام على العين: لا بد من المصير إلى التأويل؛ وذلك هو أن يحمل هذه الألفاظ على شدة العناية والحراسة، والوجه في حسن هذا المجاز: أن من عظمت عنايته بشيء وميله إليه ورغبته فيه كان كثير النظر إليه، فجعل لفظ العين التي هي آلة لذلك النظر كناية عن شدة العناية".

(¬5) سبق تخريج هذا الأثر قريبا من هذا..

مخ ۱۴۳