قد استوى بشر على العراق ... ... من غير سيف ودم مهراق (¬1)
وهذه الكلمات الثلاثة متساوية السبك، متقاربة المعنى، فإذا تأمل ذلك متأمل وجده كما قلناه؛ وذلك أن قوله: (الرحمن) مثل قوله: (الله)، ومثل قوله: (وهو)، وكذلك قوله: (على ) مكان قوله (على)، ومكان قوله: (فوق)، وكذلك قوله: (استوى) مكان قوله: (غالب)، ومكان قوله: (القاهر)، وكذلك قوله: (العرش) مكان قوله: (أمره)، ومكان قوله: (عباده). فهذه الكلم الثلاث متشابهة في العبارة والإشارة، فلا تجوزن أيدك الله بالذي فسرنا منها صفحا توفق إن شاء الله.
¬__________
(¬1) قد ذكر الإمام القرطبي هذا البيت في تفسيره عند قوله تعالى: {ثم استوى على العرش} دون أن ينسبه لقائله، وذكر أقوال علماء الكلام فقال: والأكثر من المتقدمين والمتأخرين أنه إذا وجب تنزيه الباري سبحانه عن الجهة والتحيز فمن ضرورة ذلك ولواحقه اللازمة عليه عند عامة المسلمين المتقدمين وقادتهم من المتأخرين تنزيه الله تعالى عن الجهة، فليس بجهة فوق عندهم؛ لأنه يلزم من ذلك متى اختص بجهة أن يكون في مكان أو حيز، ويلزم على المكان والحيز الحركة والسكون للمتحيز، والتغير والحدوث. راجع تفسير القرطبي 7: 219.
مخ ۱۲۶