وبعد فاليهود جميعا مجمعون بأن موسى عليه السلام قد شهد بالنبوة لمن يأتي بعده من الناس وإن اختلفوا في صفته، وقد نطقت بذلك التوراة، وإذا كان الأمر كذلك فكيف يمتنع أن يكون حكم التوراة، وتحريم السبت مشروطا معلقا بتوقيف الأنبياء بعد موسى عليه السلام، وإذا كان هذا هكذا لم يجز لأحد من اليهود أن يتطرق إلى إبطال نبوة النبي _صلى الله عليه وسلم_؛ لأنه جاء بنسخ التوراة، وإجلال السبت، إذ كانت التوراة نفسها قد أجازت ذلك، وأطمعت فيه ببشارتها بنبي يأتي بعد موسى عليه السلام، ومع ذلك فإن من تدبر التوراة علم أن فيها البشارة لمحمد عليه السلام (¬1) ،
¬__________
(¬1) قال تعالى:}ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد{سورة الصف، آية رقم6، يعني أن التوراة قد بشرت بعيسى، وأن عيسى عليه السلام بشر بمحمد _صلى الله عليه وسلم_، فعيسى عليه السلام _وهو خاتم أنبياء بني إسرائيل_ قد أقام في ملإ بني إسرائيل مبشرا بمحمد _وهو أحمد خاتم الأنبياء والمرسلين_ الذي لا رسالة بعده ولا نبوة، وقد أورد الإمام البخاري قال: حدثنا أبو اليمان حدثنا شعيب عن الزهري قال: أخبرني محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: سمعت رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ يقول: «إن لي أسماء، أنا محمد، وأنا أحمد ، وأنا الماحي الذي يمحو الله به الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب». ورواه مسلم من حديث الزهري به نحوه..
مخ ۱۰۰