قد خالف بعض العلماء في أيامنا، وقبلها أيضا ما أثبته علماؤنا وتقليداتنا، وأوردوا لمرعاهم تخمينات غير ثابتة ولم يتفقوا فيها، فجعل بعضهم هؤلاء المردة من الفرس أو جنودا لملك الروم إلى غير ذلك من تخميناتهم، التي لم يتفقوا على شيء منها ولا أيدوها ببرهان راهن، وقد رددت دعواهم هذه بأربع مقالات نشرت ثنتان منها في مجلة المشرق والثنتان الأخريان في غيرها، مبينا ببينات ساطعة، وأدلة دامغة على أن هؤلاء المردة لا يمكن أن يكونوا إلا الموارنة الذين ولا نكير أنهم كانوا منبثين في تلك الأيام بلبنان وحمص وحماة، وجبل اللكام إلى أنطاكية، ومن هذه الأدلة أنه لو كان المردة جنودا لأحد ملوك الروم لردوهم بعد جلائهم لهم من لبنان إلى أهلهم أو إلى معسكراتهم، ولا حاجة أن يقيموهم في عمل مخصوص وهو بمفيليا من آسيا الصغرى، ويفرضوا لهم نظاما مخصوصا وينصبون لهم ولاة وقضاة مخصوصين، كما روى السمعاني في المجلد الرابع من مكتبة الناموس (صفحة 620) اعتمادا على ما كتبه قسطنطين السابع بن لاون الحكيم، الذي كان في القرن العاشر في كتابه الموسوم بتدبير الملك (فصل 50 صفحة 137)، ومن الأدلة التي أوردتها أن كل من خالفوا رأي الموارنة هذا ما أمكنهم ولن يمكنهم إثبات وجود شعب أتى أو كان في لبنان، وما ذكر من مواطن المردة غير الموارنة.
وتوفي عبد الملك سنة 706 أو سنة 707. (6) في بعض المشاهير في القرن السابع
قلما عرفنا من المشاهير في هذا القرن، فممن عرفناهم منهم جرير الشاعر المشهور، وكان ابن عم الخليفة عبد الملك بن مروان كما يظهر من قوله:
هذا ابن عمي في دمشق خليفة
لو شئت ساقكم إلي قطينا
وكان بينه وبين الفرزدق مهاجاة، وهو أشعر من الفرزدق عند أكثر أهل العلم، وأجمعت العلماء على أنه ليس في شعراء هذا العصر مثل ثلاثة جرير والفرزدق والأخطل، فالأولان مسلمان والأخطل مسيحي.
أما الفرزدق فهو همام بن غالب، ويتصل نسبه بمرة التميمة وكان كثير التعظيم لقبر أبيه، فما استجار به أحد إلا نهض معه، وساعده على بلوغ غرضه، وكانت زوجته النوار المشهورة وله معها أخبار ونوادر يطول شرحها، وقد طلقها فندم على ذلك وله فيها شعره المشهور:
ندمت ندامة الكسعي لما
غدت مني مطلقة نوار
وكانت جنتي فخرجت منها
ناپیژندل شوی مخ