هو ابن السيد عبد القادر الحسيني، ولد بصيدا سنة 1814 ودرس شيئا من العلم على الشيخ أحمد الشرمبالي وأقام مدة في مدرسة دمشق المرادية، ثم أقام في الجامع الأزهر سبع سنين فنبغ في العلوم النقلية والعقلية، ثم أقام في بيروت وكثر تلاميذه في الفقه، وتولى الفتوى بعكا مدة ونصب مدعيا عموميا بلبنان في مدة داود باشا، وسار إلى الأستانة وتولى رياسة التصحيح في دائرة نظارة المعارف، وعاد إلى بيروت مكبا على التعليم والتأليف، فله كتاب سماه الرائض في الفرائض، وشرح كتاب أطواق الذهب للعلامة الزمخشري، وله نظم كثير جمع في ديوان يعرف باسمه، وله رسائل وردود مشهورة، وتوفي سنة 1889.
الشيخ إبراهيم الأحدب:
ولد بأطرابلس سنة 1826، وأتقن علوم التفسير والحديث والأصول والكلام واللغة وآدابها، وعكف على التدريس، وكان ذا قريحة شعرية، وسار إلى مصر فأجله علماؤها، واشتهر ببراعته في الفقه الحنفي وسمي نائبا في المحكمة الشرعية في بيروت، ثم رئيسا لكتابها، وله ثلاثة دواوين شعر معروفة باسمه، ونحو ثمانين مقامة على نحو مقامات الحريري، وله أيضا كتاب سماه فرائد الأطواق في أجياد محاسن الأخلاق، وله كتاب آخر سماه اللال في مجمع الأمثال، وله أيضا نشوة الصهباء في صناعة الإنشاء، إلى غير ذلك، وتوفي سنة 1890.
وأما من علماء الموارنة فكان:
المعلم بطرس البستاني:
وهو بن بولس بن عبد الله البستاني، ولد بقرية الدبية سنة 1819، ودرس مبادئ العربية والسريانية، ثم دخل مدرسة عين ورقة فتلقى فيها آداب اللغة العربية واللغات السريانية والإيطالية واللاتينية، ومن العلوم الفلسفة واللاهوت والشريعة الكنسية والتاريخ والحساب، وعين معلما في مدرسة عين ورقة، وبقي فيها إلى سنة 1840 حين حضرت مراكب الدول إلى شطوط سورية، فاستخدمه الإنكليز ترجمانا، وتعرف في بعض قسوس الأميركان، فكان يعلمهم العربية ويعرب الكتب التي ينشرونها، فتمكنت علاقات المودة بينه وبينهم حتى تابعهم على مذهبهم، وعين ترجمانا في قنصلاتو أميركا ببيروت، وعكف على التأليف والترجمة ودرس اللغتين العبرانية واليونانية، وعاون الدكتور سميت الأميركي على ترجمة الأسفار المقدسة إلى العربية، وفتح مدرسة وطنية يدرس فيها اللغات والعلوم، وأنشأ مجلة علمية أدبية سماها الجنان، وجريدة أسبوعية سماها الجنة، ونشرة يومية سماها الجنينة، وتوفي سنة 1883 بعد أن قضى حياته كلها خادما للعلم، وله مؤلفات كثيرة منها كتابه الموسوم بكشف الحجاب في علم الحساب، ومعجمه الموسوم بمحيط المحيط، ومختصره الذي سماه قطر المحيط، وله أيضا كتاب مسك الدفاتر، وكتاب مفتاح المصباح في التصريف والنحو، وأشهر مؤلفاته المؤلف المعروف بدائرة المعارف، جمع فيه تراجم الأعلام من سلاطين وملوك وأعيان ومدن، وأعمال ومقالات في العلوم والفنون، شرع فيه سنة 1875 يعاونه فيه ابنه سليم، وبعض الكتاب، فأكمل منه ستة مجلدات، وتوفي مبتدئا بالسابع وما زال ورثاؤه يواصلون هذا التأليف، وبلغوا فيه إلى المجلد الثاني عشر.
فارس الشدياق:
هو ابن يوسف بن منصور بن جعفر الشدياق، من سلالة المقدم رعد بن خاطر الحصروني، ولد بعشقوت سنة 1804، وانتقل والداه إلى الحدث في ساحل بيروت، وتخرج أولا بشيء من العلوم في مدرسة عين ورقة، ثم سار إلى مصر وتولى كتابة جريدة الوقائع المصرية، ثم سافر إلى مالطة سنة 1834، وأقام بها زهاء أربع عشرة سنة يدرس في مدرسة المرسلين الأميركان، ويعرب ما يطبع في مطبعتهم، وفي سنة 1848 طلبته جمعية ترجمة الأسفار المقدسة في لوندرا؛ ليعاونها على ترجمتها إلى العربية، ففعل وكانت هذه الترجمة أحسن الترجمات من حيث اللغة العربية، وأتقن حينئذ اللغتين الإفرنسية والإنكليزية، وتزوج بسيدة إنكليزية، ولما زار أحمد باشا باي تونس إفرنسا وهو فيها، نظم له قصيدته الشهيرة التي مطلعها:
زارت سعاد وقلبي اليوم متبول
فما الرقيب بغير النشر مدلول
ناپیژندل شوی مخ