١٣٢ - وَأَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ بَعْضِ أَشْيَاخِ أَهْلِ مِصْرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﵇ قَادَ يَوْمًا أَوْ لَيْلَةً بِالرَّكْبِ فَجَعَلَ يَقُولُ: " جُنْدُبٌ، وَمَا جُنْدُبٌ، وَمَا يُدْرِيكَ مَا جُنْدُبٌ، يَضْرِبُهُ ضَرْبَةً يَفْرُقُ فِيهَا بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ
فَلَمْ يَدْرِ النَّاسُ مَا ذَلِكَ الأَمْرُ حَتَّى كَانَ فِي زَمَانِ زِيَادِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ إِنْسَانٌ يَلْعَبُ بِأَشْيَاءَ يَعْلَمُ النَّاسُ أَنَّهَا لا تَكُونُ، يُدْخِلُ حَصَاةً مِنْ دِمَاغِهِ وَيُخْرِجُهَا مِنْ فِيهِ، وَيَأْخُذُ الشَّيْءَ فَيُحْرِقُهُ، ثُمَّ يَأْتِي بِهِ كَمَا هُوَ عَلَى حَالِهِ، وَأَشْبَاهَ هَذَا النَّحْوِ، فَخَرَجَ النَّاسُ مِنْ عِنْدِهِ يَتَعَجَّبُونَ لِشَيْءٍ لَمْ يَرَوْا مِثْلَهُ، فَجَلَسَ بَعْضُ مَنْ خَرَجَ مِنْ عِنْدِ زِيَادٍ إِلَى مَجْلِسٍ فِيهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ جُنْدُبٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَحَدَّثَهُمْ بِالَّذِي رَأَى، فَقَالَ لَهُ جُنْدُبٌ: فِي الإِسْلامِ يَعْمَلُ بِهَذَا، فَقَالَ: نَعَمْ، ابْقَ عِنْدَ الأَمْيِرِ، قَالَ: فَمَتَى تَرَاهُ يَعُودُ، قَالَ: بِالْغَدَاةِ أَرَى، قَالَ: وَاشْتَمَلَ جُنْدُبٌ عَلَى سَيْفِهِ وَدَخَلَ مَعَ النَّاسِ، وَجَاءَ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَعَمِلَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ، فَلَمَّا عَايَنَهُ جُنْدُبٌ وَثَبَ إِلَيْهِ بِالسَّيْفِ فَضَرَبَهُ حَتَّى ثَرَدَ، وَهَرَبَ زِيَادٌ وَظَنَّ أَنَّهُ يُرِيدُهُ فَقَالَ: إِنِّي لَمْ أُرِدْ زِيَادًا، إِنَّمَا أَرَدْتُ هَذَا الَّذِي يَعْمَلُ عَلانِيَةً فِي الإِسْلامِ بِالسِّحْرِ.
وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ بَجَالَةَ بْنِ عَبْدَةَ قَالَ: كُنْتُ كَاتِبَ جَزْءِ بْنِ مُعَاوَيَةَ، فَكَتَبَ إِلَيْنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَبْلَ قَتْلِهِ بِسَنَةٍ أَنِ اقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَ الْمَجُوسِ وَذَوَاتِ الْمَحَارِمِ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَامْنَعُوهُمُ الْزَّمْزَمَةَ، قَالَ: وَقَتَلْنَا ثَلاثَ سَوَاحِرَ، وَفَرَّقْنَا بَيْنَ كُلِّ رَجُلٍ وَحَرِيمَتِهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَجَعَلَ طَعَامًا وَوَضَعَ السَّيْفَ عَلَى فَخِذِهِ، ثُمَّ دَعَاهُمْ، فَأَكَلُوا بِغَيْرِ زَمْزَمَةٍ، وَأَتَوْا بِوقْرِ بَغْلٍ أَوْ بَغْلَيْنِ وَرِقًا قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ يَأْخُذُ الْجِزْيَةَ مِنَ الْمَجُوسِ حَتَّى شَهِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﵇ أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ، فَأَخَذَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ.
- وَقَالَ مَالِكٌ: إِنَّ السَّاحِرَ إِذَا سَحَرَ هُوَ نَفْسَهُ لا يَعْمَلُ ذَلِكَ لَهُ غَيْرُهُ، السِّحْرُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، قَالَ: ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ﴾ [البقرة: ١٠٢]، إِنَّ عَلَيْهِ الْقَتْلَ إِذَا عَمِلَ ذَلِكَ هُوَ نَفْسُهُ.
قَالَ مَالِكٌ: وَأَرَاهُ كَالزِّنْدِيقِ الَّذِي يُظْهِرُ الإِسْلامَ وَيَسْتُرُ الْكُفْرَ، فَكَيْفَ يُسْتَتَابُ.
1 / 25