محمد علی جناح
القائد الأعظم محمد علي جناح
ژانرونه
وفي إحدى مسدساته يقول عن القرآن: «أول ما نتعلمه من كتاب الهدى أن الناس جميعا أسرة الله، وأنه لا يحب الله إلا من يحب خليقته، ذلك هو الإخلاص الحق وتلك هي العقيدة والإيمان، أن يكون الإنسان في عون الإنسان.»
وفي مقطوعة أخرى يقول: «دع الشحناء مع من يدين بغير دينك ... وأحجم عن الأذى، وقابل الأذى بالإحسان، وليأت بعد ذلك من يقول إن الدنيا جهنم فلينظر إلى هذا الفردوس.»
وقد عمل الشاعر على التقريب بين الأمتين بالتقريب بين اللغتين، فنظم مقاطيع من الشعر في لغة يفهمها المتكلمون بالأردية والمتكلمون بالهندستانية، وقيل إن غاندي قرأ قصيدته «شكوى الأيم» فقال: «لو تكلم أهل الهند يوما بلغة واحدة فبهذه اللغة يتكلمون»، وكتب في مقدمة ديوانه أن المسلمين يحسنون صنعا لو استغنوا عن الكلمات الغامضة من العربية والفارسية، وأن الهندستانيين خلقاء أن يتعلموا الأردية؛ لأنها هندستانية متطورة.
وهذا مثل من العاطفة الدينية الصوفية التي كان شعراء الإسلام من بيئة السيد أحمد يواجهون بها قضية الوحدة.
وإذا كان «الحالي» قد واجه قضية الوحدة بالروح الصوفية؛ فقد واجهها الأخوان محمد علي وشوكت علي بالروح الرياضية، وأيد محمد علي حركة المقاطعة التي قام بها غاندي بفتوى دينية تحرم على المسلمين خدمة الشرطة والجيش، ونادى بأن سياسة أستاذه السيد أحمد التي تقوم على محاسنة الدولة البريطانية قد انقضى عهدها، ووجب على العاملين في سياسة الهند أن يحاربوا تلك الدولة بكل ما يستطيعون، ثم انتهى الأمر بعودته إلى رأي أستاذه في قضية الوحدة، فقال في المؤتمر الإسلامي قبل غاندي بأكثر من ربع قرن: «إننا نعارض غاندي؛ لأن حركته ليست بالحركة التي ترمي إلى استقلال الهند كلها، وإنما هي حركة يراد بها أن يظل السبعون مليونا من المسلمين عالة على جماعة «المهاسبها» ... وهي الجماعة المتطرفة التي جاهرت غير مرة بأن الحل السريع لمشكلة الهند هو استئصال من فيها من المسلمين.
الشاعر إقبال
ومن تلاميذ السيد أحمد رواد الباكستان الشاعر محمد إقبال، الذي اشتهر باسم شاعر الإسلام، فقد كان أبناء قومه، يسلكونه بين غلاة الوطنيين «الناشو ناليست» طلاب الوحدة، فما زال مع الزمن حتى آمن باستحالة الوحدة. ودعي مرة إلى محفل «منيرفا» المشترك بين أبناء جميع الأديان والأقوام، فكتب إلى الداعين (في سنة 1909) يقول: «لقد كنت أرى وأعتقد أن الخلافات الدينية ينبغي أن تمحى في هذه البلاد، ولا أزال أعمل لذلك في حياتي الخاصة، ولكنني أجد اليوم أن محافظة كل من الأمتين على كيانها مطلوب بين المسلمين والهندستانيين، وأن الوطن الموحد في الهند لمن الأحلام الجميلة التي تروق الأمزجة الشعرية، ولكنه عند النظر إلى الأحوال الحاضرة والنزعات الباطنة في ضمائر الأمتين يبدو غير قابل للتحقيق.»
وقد تخرج من عليجرة وغيرها رواد كثيرون لفكرة الباكستان، كلهم اجتهدوا في الوحدة، وكلهم آمنوا باستحالتها، ولعل صاحب الترجمة - القائد الأعظم - كان آخر من بقي على أمل الوحدة بين أولئك الرواد، وهذه هي العبرة ذات الدلالة الكبرى في هذا الباب.
إلا أن حركات الجماهير أعمق في الدلالة على ضرورة الباكستان من هذا التطور في آراء القادة والزعماء. وقد أسلفنا أن الجماهير ألهمت بالفطرة ما قرره القادة والزعماء بالروية والاستقراء بعد طول العناء، ولكننا لا نقصد بذلك أن الجماهير قد اندفعت في وجهتها اندفاعا لا علة له ولا تردد في مقدماته ودواعيه؛ إذ الواقع أن علة هذا الاتجاه في الجماهير أوضح من علل التطور في عقول قادتها وزعمائها، وإنما الفرق بينها وبينهم في اتجاهها أنها تنقاد للسبب المعقول ولا تعلم أنه سبب انقيادها، ولكنه سبب معقول على كل حال.
العصبة الإسلامية
ناپیژندل شوی مخ