محمد علی جناح
القائد الأعظم محمد علي جناح
ژانرونه
كان السيد أحمد خان هو الرائد الأول للباكستان، وتلاه أعوانه وتلاميذه فبدءوا كما بدأ، ثم انتهوا كما انتهى: بدءوا يعملون يدا واحدة مع الهنديين على إمكان الوحدة، ثم حاول كل منهم محاولته وانتهى منها بعقله وتدبيره إلى حيث انتهت بداهة الجماهير، فتوافرت للحركة كل قوتها من تلاقي الرءوس والقلوب على عقيدة قد تمحصت من جميع جوانبها، وانتهى منها كل شك يخالج نفوس القادة أو الأتباع.
وكان السيد أحمد خان مثالا عاليا للرجل العظيم الذي يثبت للناس من حين إلى حين أن الغيرة الدينية البالغة والشعور الإنساني الأكمل لا يتناقضان، بل يمتزجان ويتعاونان، فلما وقعت الفتنة التي اشتهرت بفتنة العصيان
Mutiny
أنقذ من الموت كثيرا من الإنجليز، كما أنقذ كثيرا من الوطنيين، ولم تحتمل نفسه الكريمة أن يرى إنسانا أعزل يفتك به مطاردوه كأنه فريسة ينفرد بها وحوش ضراة.
وحفظ له الذين أنقذهم هذا الجميل، ومنهم رجل إنجليزي اشتهر بين القوم؛ لأنه يسمى باسم الشاعر الكبير وليام شكسبير، بلغ من وفائه له أنه كان يلازمه حيثما استطاع، وملازمته هذه هي التي تجعل لكلمته معناها في هذا السياق. فإنه سمعه زمنا طويلا يتكلم عن تقدم الهند ونهضة الهند وحقوق الهند، فلما سمعه لأول مرة يذكر تقدم المسلمين ويفردهم بالقول دهش وبدت عليه الدهشة، ولم يكتمه سبب دهشته فقال له: «هذه أول مرة أسمعك فيها تتكلم عن المسلمين وحدهم، وكنت على الدوام تهتم بمصالح أبناء وطنك أجمعين.» فأجابه الرجل العظيم الذي اشتهر بصراحته كما اشتهر بحكمته: «إنني اليوم مؤمن بأن القومين - كما وردت الكلمة في العبارة الأردية - لن يخلصا النية في أمر واحد، وليس بينهما اليوم عداء مكشوف، ولكن هذا العداء سينكشف في المستقبل من جراء من يسمونهم بالطائفة المتعلمة، ومن يعش ير.»
قال شكسبير: «إني ليحزنني أن تصدق هذه النبوءة.» فقال السيد أحمد: «وإنني أيضا لحزين جد الحزن من أجل هذا، ولكنني منه على يقين ...» ولم تمض فترة وجيزة حتى تحقق كلاهما أن خلوص النيات في قضية الوحدة مستحيل. •••
كان السيد أحمد خان ماردا من مردة الإصلاح الأفذاذ في كل زمن وكل أمة، وكانت شخصيته من الرحابة والقوة بحيث تحتمل الكثير من النقائض في مقاييس الأوساط، ولم يكن وسطا في مقياس من تلك المقاييس.
كان كما قدمنا غيورا شديد الغيرة على أبناء دينه، ولكنها غيرة لم تكن تحجب شعوره الإنساني في أوقات اللدد والشحناء، كما يحدث أحيانا لأصحاب النفوس الصغار.
وكان لفرط غيرته معدودا من المتعصبين في رأي بعض خصومه ومعارضيه، ولكنه كان في رأي المتعصبين متهما بالإلحاد والمروق، وتعرض للقتل مرتين من جراء هذا الاتهام.
وكان من سياسته أن يسالم الدولة الحاكمة حتى يرتقي بقومه إلى الشأو الذي يمكنهم من ولاية الحكم عند تمام الاستقلال، ولكنه لم يفهم قط من المسالمة أنها ملق وازدلاف، بل كانت صراحته تسلكه عند أناس من الحاكمين في عداد المهيجين، وقد ترك حفلة الدربار غضبا واحتجاجا على التمييز في كراسي الجلوس بين الإنجليز والوطنيين.
ناپیژندل شوی مخ