جعله مقصورًا على الغريب، غير خالط إياه بمسائل العربية التي ضمّن بعضها كتابه السابق (تأويل مشكل القرآن). ورتّبه على ثلاثة أقسام: الأول في ذكر أسماء الله الحسنى وصفاته وفسر فيه ٢٦ حرفًا، والثاني في ألفاظ كثر تردادها في القرآن فلم ير بعض السور أولى بها من بعض وفسر فيه ٤٠ حرفًا. والثالث سائر الكتاب الذي رتبه على ترتيب السور في المصحف. وقد ذكر ابن قتيبة أن كتابه "هذا مستنبط من كتب المفسرين، وكتب أصحاب اللغة العالمين"، واختار في كل حرف "أولى الأقاويل في اللغة وأشبهها بقصة الآية" نابذًا منكر التأويل ومنحول التفسير. وكان غرضه في الكتاب الاختصار والإكمال فلم يحش كتابه بالنحو وبالحديث والأسانيد حتى لا يطول الكتاب فيقطع منه طمع المتحفظ وبغية المتأدب (١).
ومن كتب الغريب التي عدها الزركشي "من أشهرها" كتاب نزهة القلوب لابن عزيز السجستاني (ت ٣٣٠ هـ) وكتاب الغريبين لأبي عبيد أحمد بن محمد الهروي (ت ٤٠١ هـ) (٢).
أما كتاب ابن عزيز فيقال إنه صنفه في خمس عشرة سنة، وكان يقرؤه على شيخه أبي بكر ابن الأنباري، فكان يصلح له فيه مواضع (٣). ولعل سبب إعجاب العلماء بهذا الكتاب يرجع إلى أمرين أولهما تحرير المعنى باختصار، والثاني ترتيبه البديع، فقد رتبت فيه الألفاظ على حروف المعجم، ولم ينظر فيها إلى أصلها واشتقاقها، غير أنه اتبع في ذلك منهجًا غريبًا، وهو أنه يقسم الحرف الواحد إلى ثلاثة أبواب، المفتوح ثم المضموم ثم المكسور، ثم يرتب الألفاظ في كل باب على السور، ولا ينظر إلى الحرف الثاني وما بعده. ولكن لم يسلم له هذا الترتيب العجيب، فاضطرب في مواضع كثيرة، وصعب البحث عن الكلمات فيه.
_________
(١) تفسير غريب القرآن، مقدمة المؤلف، ص ٣.
(٢) البرهان في علوم القرآن ١: ٢٩١.
(٣) نزهة الألباء: ٢٣٢.
1 / 48