" (الصلاة على ترجمان القرآن) نودي بذلك قبل نحو ستة قرون من مصر والشام إلى حدود الصين، للصلاة على الإمام ابن تيمية ﵀، وحقّ أن ينادى بذلك مرة أخرى من ربوع الهند إلى بلاد مصر والشام على الأقل، فإن ابن تيمية هذا العصر قد توفي في التاسع عشر من جمادى الآخرة سنة ١٣٤٩ هـ (الموافق ١١ نوفمبر سنة ١٩٣٠ م). ذلك الإمام الجليل الذي كانت شخصيته الجامعة بين علوم الشرق والغرب نادرة العصر، شخص واحد اجتمع فيه عالَم من العلم والمعرفة، ماهر في العلوم الدينية، ناقد للعلوم العقلية، وحيد عصره في علوم العربية، نسيج وحده في علم القرآن، عارف بحكمته ودقائقه، كُنَيف ملىء علمًا، ولكن لم ينقل من علمه -مع الأسف- إلى الدفاتر والأوراق إلا قليل ... " (١).
والكلمة الثانية للعلامة أبي الكلام آزاد ﵀ قال فيها: "كان حميد الدين الفراهي ﵀ من العلماء الربانيين الذين لا تكون بضاعتهم العلم فحسب، بل يجمعون بين العلم والعمل. ويندر وجود أمثال هؤلاء الحائزين للشرفين، كما لا يخفى على أهل النظر. وإني كلما قابلته تأثرت بعمله أكثر من علمه، فإنه كان رجلًا تقيًا بكل معنى الكلمة ... " (٢).
وقد اطلع العلامة السيد رشيد رضا ﵀ على أجزاء من تفسير الفراهي، فكتب كلمة في مجلة المنار (صفر ١٣٢٧ هـ) ومما قال فيها: "وقد ألقينا على بعض هذه الرسائل لمحة من النظر، فإذا طريق جديد في أسلوب جديد من التفسير، يشترك مع طريقنا في القصد إلى المعاني من حيث هي هداية إلهية، دون المباحت الفنية العربية ... وإن للمؤلف لفهمًا ثاقبًا في القرآن، وإن له فيه مذاهب في البيان .. وإنه لكثير الرجوع باللغة إلى مواردها والصدور عنها ريان من شواهدها".
_________
(١) مجلة معارف المجلد ٢٦ العدد السادس ص ٣٢٢.
(٢) انظر مجلة الإصلاح المجلد الأول العدد الثامن ص ٥٦ - ٦١.
1 / 40