ولا في الديانة والتقوى" (١).
وقد أقبلت الدنيا على الفراهي، فتهيأت له فرص لو اغتنمتها وسعى إلى ما يسعى إليه أهل الدنيا لنال أجلّ الرتب وأعلى المناصب، وحاز كل ما تطمع فيه النفوس من الأموال والألقاب وحسن الصيت، ولكنه كان زاهدًا في كل ذلك، مقبلًا على الله، قائلًا للدنيا ما قاله علي بن أبي طالب ﵁. "يا دنيا غُرِّي غيري" (٢). وكان من تيقظه وحذره في ذلك أنه قال في أثناء بعض تلك الفرص (٣) التي يتمنى الناس حصولها في حياتهم مقطوعة رباعية في الفارسية يخاطب نفسه محذرًا إياها، ترجمتها: "الجاهل مشغول بالبحث عن لذيذ المآكل، والعاقل مصروف همه إلى نيل الصيت والسمعة. أما أنت أيها الفراهي فاجتنب الاثنين، فيوشك أن ترى كليهما قد نشبت حلوقهما في الحبالة" (٤).
وكان من ورعه وعدله أنه حكم في قضية -جعله الخصم حكمًا فيها- على والده، مع كونه من أبرّ الناس به، وخرج بذلك جزء كبير من ضياعه إلى ملك الخصم (٥).
(٦) ثقافته وعلومه:
كان الفراهي عالمًا ذا ثقافة واسعة متنوعة، فقده برع في العلوم النقلية والعقلية، ومهر في اللغات العربية والفارسية والإنجليزية، وتعلّم اللغة العبرانية. وانفرد من بين معاصريه من علماء الهند بأنه درس مع كل ذلك علوم الغرب وآدابه في اللغة الإنجليزية دراسة الناقد البصير، ثم لم يزده ذلك إلا قوة في الدين واستقامةً عليه علمًا وعملًا.
_________
(١) مقال الدريابادي في صحيفته (صدق) عدد ١٩/ ٦/ ١٩٤٥ م.
(٢) الرقة والبكاء: ١٩٨.
(٣) مقال الأستاذ شير محمد في مجلة الضياء ٢/ ٧.
(٤) نواي فهلوي: ٤٠.
(٥) حيات حميد (الإصلاحي): ٥٣.
1 / 22