[٨٦] وَعَن ثَابِتِ بنِ الضَّحَّاكِ؛ أَنَّهُ بَايَعَ رسولَ الله ﷺ تَحتَ الشَّجَرَةِ،
ــ
مَن قتَلَ نفسَهُ، وهو (١) غيرُ مستحلٍّ، فليس بكافر، بل يجوزُ أن يَعفُو اللهُ عنه، كما يأتي في الباب الآتي بعد هذا، في الذي قطَعَ بَرَاجِمَهُ (٢) فمات، وكما تقدَّم في حديثِ عبادة (٣) وغيره.
ويجوزُ أن يراد بقوله: خَالِدًا مخلَّدًا فِيهَا أَبَدًا تطويلُ الآمادِ، ثم يكونُ خروجُهُ مِنَ النار مِن آخر مَن يخرُجُ من أهل التوحيد؛ ويجري هذا مَجرَى المثل فتقول العرب: خَلَّدَ اللهُ مُلكَكَ، وأبَّد أيَّامك، ولا أُكَلِّمُك أَبَدَ الآبِدِين، ولا دَهرَ الداهرين، وهو ينوي أن يكلِّمَهُ بعد أزمان. ويجري هذا مجرى الإِعيَاءِ في الكلامِ على ما تقدَّم، والله تعالى أعلم.
والسُّمُّ: القاتلُ للحيوان، يقال بضَمِّ السين وفتحها. فأمَّا السَّمُّ الذي هو ثُقبُ الإبرة: فبالفتح لا غير.
ويَتَحَسَّاهُ: يَشربه و: يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ؛ كما قال الله تعالى.
و(قوله: إِنَّهُ بَايَعَ رسولَ الله ﷺ تَحتَ الشَّجَرَةِ) وَكَانَت سَمُرَةً، وهذه بيعةُ الرضوانِ التي قال الله فيها: لَقَد رَضِيَ اللَّهُ عَنِ المُؤمِنِينَ إِذ يُبَايِعُونَكَ تَحتَ الشَّجَرَةِ. وكانت قبل فَتحِ مَكَّة في ذي القَعدَةِ سنة سِتٍّ من الهجرة. وكان سببها: أنَّ النبيَّ ﷺ قصَدَ إلى مَكَّةَ معتمرًا، فلمَّا بلغ الحُدَيبِيَةَ - وهي
(١) من (ل).
(٢) "البراجم": هي العُقَد التي في ظهور الأصابع.
(٣) سبق برقم (٢٣).