غير احتياج إلى آخر، وتقدم قريبًا في كلام شيخ الإسلام (أنه ﷺ أهلّ بالحج والعمرة قارنا) وأن إسناد القران أصح من إسناد الإفراد، وأيد ذلك ابن القيم في كتاب الهدي النبوي وساق بضعة وعشرين حديثًا على ذلك.
ثم يلي الإفراد في الأفضلية القران، وتقدم أنه ﷺ حج قارنا. وعند الحنفية أفضل الأنساك القران، قالوا وهو اختيار الجمهور من السلف وكثير من الخلف، ثم التمتع ثم الإفراد بالحج، وعند الشافعية أفضل الأنساك الإفراد ثم التمتع ثم القران، والقران أفضل من إفراد الحج من غير أن يعتمر بعده في سنته فإن تأخير العمرة عن سنة الحج مكروه عندهم، والمراد بسنته عندهم ما بقي من شهري ذي الحجة الذي هو شهر حجة، أما إذا لم يعتمر في تلك السنة أصلًا فإن كلا من التمتع والقران أفضل من الإفراد عندهم. وعند المالكية: أفضل الأنساك الإفراد، ثم القران، ثم التمتع.
وصفة التمتع الذي هو أفضل الأنساك عندنا أن يحرم بالعمرة أطلقه جماعة منهم صاحب المحرر والوجيز وجزم آخرون من ميقات بلده في أشهر الحج نص عليه الإمام أحمد وروى معناه بإسناد جيد عن جابر، ولأنه لو لم يحرم بها في أشهر الحج لم يجمع بين النسكين فيه ولم يكن متمتعًا، وأن يفرغ منها. قال في المستوعب: ويتحلل لأنه لو أحرم بالحج قبل التحلل من العمرة لكان قارنا واجتماع النسكين التمتع والقران ممتنع لتباينهما ثم يحرم بالحج من مكة أو قريب منها نقله حرب وأبو داود، لما روي عن عمر أنه قال: (إذا اعتمر في أشهر الحج ثم أقام فهو متمتع، وإن خرج ورجع فليس بمتمتع) وعن ابن عمر نحوه ويشترط أن يحج في عامه لقوله تعالى: (فمن تمتع) وظاهره يقتضي الموالاة بينهما ولأنه لم أحرم بالعمرة في غير أشهر الحج ثم حج من عامه لا يكون متمتعًا فلئلا يكون متمتعًا إذا لم يحج من عامه