منافسة الفتى فيما يزول ... على نقصان همته دليل
ومختار القليل أقل منه ... وكل فوائد الدنيا قليل
ولا يغتر الفتى بقول الشاعر:
وكل أخ مفارقه أخوة ... لعمر أبيك إلا الفرقدان
بل يتأمل قول الآخر:
قلت للفرقدين والليل ملق ... سود أكنافه على الآفاق
أبقيا ما استطعتما فسيرمي ... بين شخصيكما بسهم فراق
ولقد استعاذ النبي ﷺ من جار السوء قي دار المقامة، إشارة إلى أن جار الدنيا يتحول عنك أو تتحول عنه وإنه لا يليق الضجر منه ولا السآمة، ومن المعلوم أن الدنيا إن بقيت لها لم تبق لك،، فطوبى لمن جعلها قنطرة لآخرته فمر بها على هذا القصد وسلك، وويل لمن اغتر بسكونها وهي تمر مع السكون، وظنها شرابا ولو اختبرها لم يجدها غير آل وسراب، ويا سعادة من أقصر، عندما أبصر، واعتبر، لما اختبر، فالدهر أفصح مؤذن بالزوال، وأفضح مؤذن بالارتحال.
فلما سمع الماء ما قلناه من الكلام، وتأمل ما فيه من منثور النثر وقلائد النظام، تموج وتأود، ورغا وأزبد، وجرى واضطرب، وعبس بعد القهقهة وقطب، وقال يا معشر الأكابر، أما بلغكم قول الشاعر:
1 / 27