فأما الشمس فإن أكثر فعلها في ركن الحرارة النارية الدالة على الكون والمريخ أكثر فعله في ركن الحرارة النارية المفسدة وأما عطارد فإن أكثر فعله في ركن البرودة واليبوسة الأرضية الدالة على الكون وزحل أكثر فعله في ركن البرودة واليبوسة الأرضية المفسدة التي لا ينبت ولا يتكون منها شيء والزهرة والقمر أكثر فعلهما في البرودة والرطوبة المائية المنشئة للحيوان والنبات والذنب أكثر فعله في البرودات المفسدة والمشتري أكثر فعله في الحرارة والرطوبة الهوائية المكونة المقوية للحيوان والنبات والرأس أكثر فعله في الحرارة والرطوبة الهوائية التي فيها بعض الفساد الفصل الثاني في تحديد أحكام النجوم والمنجم
قد ذكرنا فيما تقدم أن لقوة حركات الكواكب فعلا في هذا العالم وذكرنا كيفية وجود تلك الأفاعيل التي تكون من قوى حركاتها فأما علم تلك القوى فإنه يقال له علم أحكام النجوم فأما اسم الإنسان العالم بقواها فإنه يقال له المنجم فلنحد كل واحد من هذا الذي ذكرنا بحد حقيقي ليظهر لنا معناه
فأقول إن حد علم أحكام النجوم هو معرفة ما يدل عليه قوة حركات الكواكب من زمان معلوم على زمانه ذلك وعلى الزمان الآتي المحدود فأما المعرفة التي ذكرنا في الحد فهي كالجنس وأما سائر ما يتبعه فهو كالفصول
وأما قولنا في الحد ما يدل عليه قوة حركات الكواكب فإنما قلنا ذلك لأن لقوة حركاتها فعلا في هذا العالم وقد أنكر كثير من الناس أن يكون شيء من الأشياء يدل على شيء وهو غير ذلك الشيء فقلنا إن المتفق عليه عند الأوائل أن الدال على الشيء هو غير الشيء وذلك كما نرى في الأشياء الموجودة كالرعد والبرق اللذان يدلان على المطر وهما غير المطر والدخان قد يدل على النار والدخان غير النار والحائط المبني قد يدل على الباني الذي بناه والحائط غير الباني وأشياء كثيرة قد تدل على شيء من الأشياء وهي غير ذلك الشيء وهذا ظاهر بين العلماء
مخ ۲۳۲