وقد رد قوم ما ذكرنا أول شيء من أقدار نظر درج البروج وقالوا إن كانت الأوائل إنما قصدت بدرج المناظرات التي تعد كل درج الفلك فإنه يجب أن يكون في المناظرات التخميس والتثمين والتتسيع والتعشير وغير ذلك لأن خمس درج الفلك اثنان وسبعون وهي تعد كل درج الفلك خمس مرات وثمن كل درج الفلك وتسعه وعشره كل واحد منها أيضا يعد كل درج الفلك مرات مختلفة على قدر نسبة كل واحد منهما لصاحبه فقلنا إنهم لم يقصدوا بالمناظرات قدر الدرج التي تعد كل درج الفلك فقط ولكنهم إنما جعلوا ذلك باتفاق تلك الأشياء الثلاثة لموضع واحد فإذا كان بعض النسب موجودا في بعضها ولم يوجد مثله في الاثنين الباقيين لم يجعل له من درج الفلك نسبة فخمس تلك الدرج وسائر ما ذكرتموه من الأجزاء وإن كانت تعد كل درج الفلك عدة مرات فإن عدد اثني عشر ليس له أجزاء مثله يعده لأنه إذا جزئ عدد من الأعداد ببعض الأجزاء فوقع فيه عند التجربة كسر فإن الفلاسفة وأصحاب العدد لا يعدونه جزءا لكل ذلك العدد وإنما يعد أجزاؤه العدد الذي لا يقع فيه كسر عند التجربة فلهذه العلة لم يجعل نسبة درج الفلك إلا قدر الأعداد والجهات التي ذكرناها قبل الفصل الرابع في البروج المتحابة والمتباغضة والمتعادية والمستوية الطلوع والمعوجة الطلوع والمطيعة بعضها لبعض وغير المطيعة
إن من البروج متحابة ومنها متباغضة ومنها متعادية ومنها ما هو مستقيم الطلوع ومنها ما هو معوج الطلوع ومنها ما يطيع بعضها لبعض ومنها غير ذلك
فأما البروج المتحابة فهي التي ينظر بعضها إلى بعض من التثليث والتسديس
وأما البروج المتباغضة فهي التي ينظر بعضها إلى بعض من التربيع
وأما المتعادية فهي التي ينظر بعضها إلى بعض من المقابلة
وأما المستقيمة الطلوع فهي التي تطلع منتصبة ويكون مطالع كل واحد منها أكثر من ثلاثين درجة وهي من أول السرطان إلى آخر القوس
وأما البروج المعوجة الطلوع فهي التي تطلع مضطجعة ويكون مطالع كل واحد منها أقل من ثلاثين درجة وهي من أول الجدي إلى آخر الجوزاء فالبروج المعوجة الطلوع تكون مطيعة للمستوية الطلوع ويدل على الاتفاق والمحبة وأدلها على ذلك إذا كانا يتناظران نظر مودة وذلك كالجوزاء فإنها مطيعة للأسد والأسد للجوزاء والثور للسرطان والسرطان للثور والثور والجدي للسنبلة والسنبلة لهما والعقرب للحوت والحوت للعقرب والقوس للدلو والدلو للقوس والجدي للعقرب والعقرب للجدي
مخ ۶۱۸