وسنذكر تلك الدلالات في الكتب التي يحتاج إلى ذكرها فيها ولم يكن قصد الأوائل في ذكرهم هذه الصور على الحال التي ذكروها عليه إن في الفلك صورا مثلها في التخطيط والشكل والجسم حتى يطلع كل صورة منها بتلك الهيئة في كل وجه من وجوه البروج ولكنهم وجدوا لكل موضع من مواضع الفلك ولكل وجه من وجوه البروج خاصية في الدلالة على الأشياء الكائنة في هذا العالم ووجدوا عامة الناس يظنون أنه ليس لشيء من درج الفلك بذاته خاصية في الدلالة على شيء من الأشياء ئلا إلا أن تكون فيها صور فتدل تلك الصور بخاصيتها على تلك الأشياء فنسبت الأوائل دلالات مواضع الفلك ووجوه البروج إلى صور وأشياء زعموا أنها تطلع في وجوه البروج لتكون أقرب إلى فهم الناظر فيها وسموا تلك الصور بأسماء مختلفة وجعلوا لكل واحدة منها حالا خلاف حال الأخرى فأما بعض تلك الصور وحاله فإنها قريبة الاسم والحال من الأشياء الموجودة عندنا وبعضها بعيدة عنها عجيبة الاسم والخلقة والحال إذا تفكر فيها المتفكر وإنما جعلوا لها تلك الأسماء والحالات العجيبة ليكون بين أسماء صور الفلك وحالاتها وبين أسماء هذه الأشياء الموجودة عندنا وحالاتها فصل
وقد خالف بعض علماء أهل الناحية الواحدة غيرهم من علماء أهل الناحية الأخرى في خلق تلك الصور وأشكالها وحالاتها ووجدنا ذلك على ثلاثة أصناف وقد ذكرناها في كتابنا هذا وقد ذكر خواص من الأوائل أن في الفلك صورا وأشياء أ خر خلاف ما وصفنا وتكلموا عليها بكلام كثير على معنى الرمز فتركنا ذلك لأنه غير مشاكل لكتابنا هذا وإنما ذكرنا هاهنا من خلق الصور والأشياء التي تطلع في وجوه البروج ما يشاكل هذا الكتاب مما اتفق عليه علماء أحكام النجوم في كل زمان
مخ ۵۴۶