فأما ما يظهر من أفاعيلها في الأزمنة في البلدان فهو على جهتين إحداهما ما ينفرد به الكوكب والثاني ما يشارك فيه الشمس في فعله فأما الجهة التي ينفرد بها الكوكب فهو كزحل إذا استولى بالدلالة على السنة من غير نظر المريخ أو غيره من الكواكب إليه فإنه يفرط برد الشتاء في الترك وفي عامة المدن الباردة الشمالية فيهلك ما فيها من الحيوان والنبات وأوكد في البرد واليبس لأهل هذه الناحية إذا كان صاعدا من وسط فلك أوجه فأما البلدان المفرطة في الحر فإن في السنة التي يستولي عليها زحل بالدلالة ينقص حرارة هوائهم ويبرد ويطيب ويقوى أشخاص الحيوان والنبات ويعتدل مزاجها وأوكد لطيب هواؤهم واعتداله إذا كان زحل هابطا
فأما المريخ إذا استولى على السنة من غير نظر زحل أو غيره من الكواكب إليه فإنه في فصل الشتاء يقلل البرد في البلدان الباردة الشمالية ويسخن هواؤهم بزيادة الحر ويعتدل مزاج الحيوان والنبات فيها وقد يفعل بعض ذلك إذا كان المريخ وحده في فصل الشتاء في البروج الشمالية فأما البلدان الجنوبية فإنها في تلك السنة في الفصل الصيفي يفرط فيها الحر فيفسد مزاج الحيوان والنبات فيهلك من شدة الحر وقد يتغير هواؤهم بالحر إذا كان المريخ في الفصل الصيفي في البروج الجنوبية ولأنا ذكرنا فيما تقدم أن بانتقال الشمس في أرباع الفلك يكون انتقال الزمان وأن فصول السنة إنما تختلف عن فصول السنة الأخرى بمشاركة الكواكب للشمس فزحل إذا كان منها في الشتاء في بعض المزاجات من غير نظر المريخ أو غيره من الكواكب إليهما زاد في برد الشتاء وطوله وربما كثر فيه هبوب الرياح الشمالية المفرطة في البرد وكان فيه فساد الحيوان والنبات وخاصة في الناحية الشمالية وأوكد لذلك إذا كان زحل صاعدا وإذا كان كذلك من الشمس في الصيف نقص حر الهواء وزاد في برده وكان الصيف قصيرا وسيما إن كان زحل هابطا
مخ ۳۸۲