فهذا جمل ما ذكر لنا علماء البحريين من حال هذين البحرين ولكل بحر من البحار حال خلاف حال البحر الآخر في كل أوقات السنة على قدر إقليمه وعرضه وبعده من مدار الشمس في ذلك الوقت إلا أنه ليس قصدنا هاهنا أن نصف حالات البحار كلها وإنما أردنا بذكر اختلاف حال هذين البحرين أن نخبر أنه كما صار للشمس في كل واحد من بحر فارس والهند خاصية فعل خلاف فعلها في الآخر فكذلك لها في كل بحر من البحار في كل وقت من أوقات السنة من خاصية الفعل شيء ليس لها في غيرها من البحار الفصل التاسع في دلالة القمر على الحيوان والنبات والمعادن في زيادته في ضوئه ونقصانه منه
قد ذكرنا فيما تقدم خاصية دلالة القمر على المد والجزر وعلى سائر حالاتهما وأن القمر هو علة تنفس ماء البحر وليس هذا الماء البحري المالح هو وحده الذي يعلو أو ينخفض مع ارتفاع القمر وانخفاضه ويزيد وينقص بزيادته في ضوئه ونقصانه بل أصناف كثيرة من سائر الأجناس لأنا قد نجد أشياء كثيرة ما دام القمر زائدا في الضوء ومسامتا لموضع من المواضع فإنه يزيد فيها زيادة كثيرة وما دام القمر ناقصا في ضوئه أو هابطا عن سمت رؤوسهم لم يزد إلا زيادة قليلة وهذا موجود في أصناف كثيرة من الحيوان والأشجار والأعشاب والمعادن فأما أبدان الحيوان فإنها في وقت زيادة القمر في ضوئه تكون أقوى وتكون السخونة والرطوبة والكون والنمو عليها أغلب وبعد الامتلاء تكون الأبدان أضعف والبرد عليها أغلب وتكون الأخلاط في بدن الإنسان كالدم والبلغم وغير ذلك ما دام القمر زائدا في ضوئه فإنها تكون في ظاهر الأبدان والعروق ويزيد ظاهر البدن بلة ورطوبة وحسنا وإذا نقص ضوء القمر صارت هذه الأخلاط في غور البدن والعروق وزاد ظاهر البدن يبسا
مخ ۳۳۴