وبعد دراسة عميقة للموضوع، واستشارة الرؤساء العسكريين للأسلحة الثلاثة، رأت الحكومة البريطانية أنه لا يمكن صد أي اعتداء موجه إلى الشرق الأوسط دون وجود قاعدة مناسبة في جوار قناة السويس مما يقتضي إبقاء منشأة عسكرية في منطقة القناة لتكون نواة، ويتوقف تحقيق هذا الغرض إلى درجة كبرى على مصر نفسها.
لذلك فإن الحكومة البريطانية شديدة الرغبة في الوقوف على رأي رئيس الحكومة المصرية شخصيا قبل البدء في المفاوضات الرسمية.
وهناك حل يجوز اقتراحه على رئيس الوزارة المصرية، من شأنه أن تؤجر مصر لبريطانيا العظمى قطعة من الأرض في منطقة قناة السويس، تبقى تحت السيادة المصرية بموجب اتفاق يوضع على غرار الاتفاق، الذي خول الولايات المتحدة قواعد في النصف الغربي من الكرة الأرضية، مثل القواعد القائمة في جزائر برمودا، ونيوفوندلاند.
ومن الممكن أيضا الوصول إلى اتفاق إقليمي على اعتبار إبقاء القاعدة البريطانية؛ بناء على طلب مشترك من دول الشرق الأوسط صاحبة الشأن.
ثم قال السفير: إن هذه الحلول ليست سوى اقتراحات من الجانب البريطاني، وإذا كانت لي اقتراحات في هذا الشأن، فإن الحكومة البريطانية يسرها الوقوف عليها، وأكد السفير أن الجانب البريطاني لا يرمي إلى تقييد رئيس الحكومة المصرية بأي قيد، من الآن، بل يرى أن مصلحة الطرفين الكبرى هي الوصول إلى تفاهم مشترك في هذا الشأن قبل بدء المفاوضات الرسمية.
وسألني السفير إذا كان في استطاعتي أن أفضي إليه برأي في الحال، إذ إنه من المهم البدء في العمل في أقرب وقت ممكن ... فأجبته بأن أهمية بيانه لا تسمح لي بأن أبدي له رأيي في الحال، وتدعوني للرد عليه كتابة؛ لأن الموضوع يتناول اقتراحات في صلب المفاوضات، وهذا لا يمنعني من القول الآن: إن اعتزام الجانب البريطاني احترام سيادة مصر وكرامتها من شأنه أن يساعد على إيجاد حلول، تتفق ومطالبنا القومية، بالرغم من صعوبة التوفيق بين هذا الاعتزام والاقتراحات الآنفة الذكر.
واتفقت مع السفير على أن أوافيه بإجابة شخصية حين يزورني في رياسة مجلس الوزراء يوم الإثنين المقبل؛ لنتبادل وجهات النظر، وقال السفير: «إن هذا الحديث شخصي بحت»، فأجبته بأني سأعتبره كذلك إلا فيما يختص بشخصين يجب إطلاعهما عليه، وهما: جلالة مليكي الذي يجب أن يكون على علم به، ووزير الخارجية المصرية الذي له الحق في أن يكون أول من يحاط به علما، والذي يجب علي استطلاع رأيه.
ردي على المقترحات البريطانية
وزارني السير رونالد كامبل يوم 4 أبريل سنة 1946، فسلمته مذكرة تحوي ردي على اقتراحات الحكومة البريطانية، التي أفضى بها سعادته إلي في الحديث السابق ...
وتتضمن هذه المذكرة الرد على مسألتين هامتين: الأولى مسألة بقاء قوات عسكرية بريطانية في منطقة القنال بطريق منحها قواعد داخل حدودها، أو بطريق تأجيرها جزءا من أراضيها لهذا الغرض.
ناپیژندل شوی مخ