جلسنا متجاورين على الصندوق الخشبي نرقب قطرات الدم وهي تتساقط في لهفة وسرعة من الزجاجة إلى الخرطوم الطويل إلى وريد المريض، وكأنما دبت الحياة في تلك القطرات الحمراء القانية، فشاركتنا لهفتنا على إنقاذ المريض.
ونظرت إليه وابتسمت، فابتسم في رقة وهو صامت.
وقلت: لو لم تكن معي لما استطعت أن أفعل كل هذا وحدي.
قال: بل كنت تستطيعين.
وأشار إلى زجاجة الدم وقال: لم يبق بها إلا القليل.
ونظرت إلى عيني المريض فرأيت نظراته أقل ذهولا وأكثر تركيزا، وأنفاسه أقل سرعة وأكثر انتظاما.
ونزعت الإبرة من الوريد، وفتح المريض شفتيه اليابستين وقال بصوت ضعيف وهو ينظر إلينا: أشكركم.
ودس يده في إعياء تحت الوسادة القذرة ومد لي ذراعه النحيل وقد قبضت على جنيه.
لا أدري ماذا حدث لي في تلك اللحظة؛ فقد دارت الدنيا بي حتى كدت أفقد الوعي، ولم أشعر إلا بيد حانية تسندني، وقال لي في حنان: هل تشعرين بتعب؟
ونظرت إليه، ولم أدر ماذا أقول له؛ فلم أكن أشعر بتعب، ولكني كنت أشعر بخجل شديد وعار.
ناپیژندل شوی مخ