يشكو الناس عندنا ولا يجدون دواء لسهر الرجال المفرد ونساؤهن جالسات في الدور، يلعب النوم برؤوسهن فيغالبنه، ويأخذ الضيق بخناقهن فيتنهدن، ولا ينفذ صبرهن في انتظاره، ويضرع الكتاب إلى الرجال مرة ويؤنبونهم على عملهم أخرى لعلهم يرجعون، فيذهب تأنيبهم وضراعتهم سدى، ويبقى الرجال على ما هم عليه يقضون قسما كبيرا من أوقاتهم في القهاوي.
وإذا غضبت المرأة عليه ساعة رجوعه، أو أظهرت أمامه الألم أعطاها ظهره إن لم ينتقم منها بأنواع الانتقام.
يشكون كذلك مر الشكوى من تعدد الزوجات، ويصورون العائلات المصابة بهذا المرض بأشكالها الفظيعة المؤلمة، ومع ذلك فتعدد الزوجات لا يزال شائعا في معظم الطبقات وخصوصا في الأرياف شيوعه من قبل، ويأتيه الرجال لسبب ومن غير ما سبب، بل في أحيان كثيرة جدا انتقاما من زوجتهم الأولى، والأمة تنتظر لصلاح هذا الحال قضاء السماء.
والشكوى من الطلاق أمر وأدهى، ذلك فظيعة الفظائع ورأس الآلام، وإن أكثر الناس نكاية منه من أصيبوا به من غير أن يريدوه، ولكنهم في ساعة حدة لفظوا كلمة الطلاق الكبير طلاق الثلاث فبانت زوجهم، وهم مكلفون لاسترجاعها أن يلجأوا لما تشمئز منه نفوسهم .
وإذا كنتم يا قوم تروم كل هذا موضع شكاية وألم، فلم لا تفكرون في العمل لتخفيفه إن لم يكن في الإمكان القضاء عليه! من ذا يمسك أيديكم عن العمل إن شئتموه؟ إنني على يقين من أن المشرع لا يبخل على الأمة بما يصلح أمرها؛ إذ تلك هي وظيفته ومن غيرها لا معنى لوجوده، وإنما يغل يده أحيانا عن تنفيذ ما يراه هو الخير ما يتوقع من السخط العام وما يتخوف من ألسنة المتكلمين وأقلام الكاتبين، ولكن اليوم الذي يجد فيه لعمله نصراء ومعززين هو اليوم الذي يضع فيه القانون المعقول ويعمل لتنفيذه.
وعهدنا بحكومتنا أن تنظر في مثل مسائل الأحوال الشخصية بعين خالصة كل غرضها خير الأمة، وما أحسب قانونا يضمن لنا زوال القسم الأكبر مما نشكو منه، ويقيم لنا أساسا نبني عليه سعادتنا العائلية وطمأنينتنا مثل ما اقترح وضعه.
يقوم هذا القانون حدا لغي الرجل في معاملة زوجته؛ إذ ما دام يعلم أن هناك شيئا من شبه المساواة بينهما فهو يعاملها كصاحب لا كمتاع، وما دام يعلم أن مس شرفها وكرامتها ليعطيها حق التخلص من الرابطة بينهما فهو لا شك عامل للمحافظة على ما له من الميزة بتحسين خطة سيره.
يقوم كذلك في وجه تعدد الزوجات؛ لأن الرجل يخشى أن يغضب بذلك زوجته الأولى فتتركه، كما أن هذه الميزة لها على الزوجة الثانية تعطيها - وخصوصا فيما لو كان لها أولاد - سلاحا وقوة تتدبر معه كثير من النساء حين يراد أن يأتي بهن زوجات ثانيات.
يقلل كذلك من الطلاق إلى حد كبير؛ إذ أنه سيبقى كما هو في يد الرجل وحده ما دام حسن السير مكتفيا بزوجته، ولا يكفي للتفريق بينهما أن تخرج من فم الرجل كلمة الطلاق، بل لا بد أن يكون مريدا له وناويا، وأن يبلغ علم الزوجة، وإنا لنرى أكثر الأحوال من يتألم ساعة لفظ الطلاق أشد الألم لا لأنه طلق زوجته فقط، ولكن لأن في الدار الآن من هي فرحة مسرورة يلعب حولها أبناؤها ناعمين بجوار أمهم وينتظرون بفارغ الصبر عودة أبيهم يقبلهم ساعة دخوله؛ فإذا هو يحمل لهم معه الشر ويأتي منذرا بالسوء، وما أراد أن يكون ذلك النذير الكريه.
كما فلاح من طبقة العمال - أولئك الذين لا يقرأون الجرائد ولا يفهمون كتابة الكتاب - كان يأتي متألما، ويكاد المسكين يبكي وينفطر قلبه لأنه حلف على زوجته بالطلاق من غير ما سبب، وكم كانت تنشب العداوة بين رجلين لأن واحدهما طلب إلى الآخر أن يأخذ معه (فنجال قهوة) وإلا فامرأته طالق، ومصلحة الآخر تناديه ألا يضيع من وقته؛ وبذلك تطلق زوجة الرجل.
ناپیژندل شوی مخ