إننا في خلال أربعين عاما عندما كنا ننادي بالجلاء والملحقات لم يكن نداؤنا يقابل في الجملة إلا بالتهكم والسخرية، لا من الأشخاص العاديين فحسب، بل من الأشخاص ذوي المراكز الكبيرة والأسماء الضخمة، ولقد كنت أرى دائما ألا نناصب من يخالفوننا في عقائدنا العداء، بل كنت أدعو إلى التسامح معهم لعلهم يرجعون آخر الأمر إلى مبادئنا، وأظنني كنت محقا في أن هذه الخطة أقرب إلى تعميم هذه المبادئ، وأنها كسبت مع الزمن الأنصار والمؤيدين من طبقات الشعب كافة، حتى أولئك الذين كانوا يجرحون مبادئنا ويعتبرونها خيالا في خيال.
وأود أن أضيف نصيحة أخرى، وهي أن يعمل الشباب دائما على تأليف القلوب لا على تفريقها؛ لأن تأليف القلوب وتوحيد الصفوف من أمضى الأسلحة التي نعتمد عليها في كفاحنا.
فليكن الشباب رسل وئام ومحبة وسلام، لا دعاة فرقة وكراهية وانقسام.
إن الشباب هم طليعة جيش الوطن، فعليهم أن يكونوا قدوته في التماسك والتكتل، وبدون ذلك لا يستطيع الشباب أن يؤدوا رسالتهم.
إن الإنسان مهما ضحى في سبيل الوحدة؛ فإن تضحيته لها قيمتها، وهي جديرة بأن يشكر صاحبها عليها. (2) الواجبات الاقتصادية
من الناس من يظن أن الحياة الوطنية هي السياسة، وهذا خطأ أربأ بالشباب أن ينحدروا إليه؛ لأن الحياة القومية يجب أن تشمل الجانب الاقتصادي والاجتماعي. فلا يمكن لأمة أن تحقق أهدافها إذا لم تهتم بالناحية الاقتصادية فيها؛ فالنهضة الاقتصادية هي من الأسلحة التي تتميز بها الأمم القوية عن الأمم الضعيفة، والأمة الغنية أقوى في ميدان الكفاح السياسي من الأمة الفقيرة.
لقد لاحظنا كيف كان لعامل المال الأثر الفعال في نتائج الحرب العالمية الأولى والثانية؛ فقد كتب النصر للأمم التي تفوقت على أعدائها في ميدان المال؛ ولذلك قالوا إن النصر يكون لأقوى الأمم وأكثرها مالا.
ولعل من الخير أن نلاحظ أن الحركة الوطنية قد اقترنت بالنهضة الاقتصادية؛ فقد كان مصطفى كامل يعمل في الناحية السياسية، بينما كان طلعت حرب وعمر لطفي يعملان في الناحية الاقتصادية، فكلتا النهضتين إذن ضرورية للأخرى بل مكملة لها؛ ومن ثم كان من الواجب علينا أن نتعاون على تشجيع كل ما هو مصري من الإنتاج؛ فالأمم الأوروبية تؤثر إنتاجها الوطني على أي إنتاج آخر.
إني لا أقصد أن أدعو الشباب إلى التعصب، وإنما أقصد دعوتهم إلى تشجيع الإنتاج المصري؛ لأن هذا من العوامل الكفيلة بالنهوض الاقتصادي للبلاد.
كما أنني أدعوهم إلى المساهمة في المنظمات الاقتصادية التي تنهض بالثروة القومية، وأدعوهم على الأخص إلى تشجيع المنظمات التعاونية بحيث لا تخلو جمعية تعاونية من مساهمتهم فيها. ولا يصح أن يحتج أحدهم بعدم وجود جمعية تعاونية ينضم إليها في بلده أو في بيئته، بل يجب عليه في هذه الحالة أن يتعاون مع إخوانه على إنشاء جمعيات تعاونية لا جمعية واحدة؛ ولذلك فإني أوجه اللوم إلى الشباب المثقف الذي يعيش في القرى أو المدن ولا يعمل على إنشاء الجمعيات التعاونية فيها. (3) الواجبات الاجتماعية
ناپیژندل شوی مخ