203

مذکرات هدی شعراوي

مذكرات هدى شعراوي

ژانرونه

وإن تطبيق مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في مسألة الجنسية يتعذر العمل به في مصر من جراء نظام الامتيازات الأجنبية، ولذلك فإن المؤتمر يتمنى زوال النظام المخالف لمبادئ المساواة، وبخاصة أن مصر هي البلد الوحيد في العالم الذي لا يزال قائما فيه هذا النظام.

ويقترح المؤتمر على الجمعيات المشتركة فيه أن تبحث جديا في الوسائل العملية، لمعالجة بعض الأضرار الحالية، كتقليل ساعات العمل وإنشاء صناعات جديدة وتسهيل الاعتمادات، وتعديل النقد بما يحقق رفع مستوى المعيشة في العالم كله وتثبيت أسعار السلع.

وإن النساء المجتمعات في المؤتمر يحتججن على جميع أنواع التجاهل والمظالم وعدم المساواة المرتكبة بحق الجنس الإفريقي في العالم كله، وكذلك على طريقة أخذ الثأر باليد الهمجية.

قلب الإسلام

وقد طلبت السيدة أستر فهمي ويصا أن يعقد المؤتمر القادم في مصر؛ لأنها قلب الإسلام، كذلك فقد عبر المؤتمر عن تقديره لجهود الوفد النسائي المصري بانتخابي نائبة لرئيسة الاتحاد النسائي الدولي بأغلبية 148 صوتا من بين 166 صوتا، وكنت أول شرقية تنال هذا اللقب الدولي المشرف.

مقابلة أتاتورك

وبعد انتهاء مؤتمر إسطنبول، وصلتنا دعوة لحضور الاحتفال الذي أقامه مصطفى كمال أتاتورك محرر تركيا الحديثة، وكنا قد فرغنا من مشاهدة بعض منشآت أنقرة ومدرسة عصمت أينونو للبنات وبعض المنشآت المهنية.

وفي الصالون المجاور لمكتبه وقفت المندوبات المدعوات على شكل نصف دائرة، وبعد لحظات قليلة فتح الباب، ودخل أتاتورك تحيطه هالة من الجلال والعظمة. وسادنا شعور الهيبة والإجلال؛ لدرجة أن مسز كوريث اشبي رئيسة الاتحاد النسائي الدولي كان يبدو عليها الوجل والتأثر، وهي تلقي كلمتها نيابة عن أعضاء المؤتمر.

ورد أتاتورك بالتركية، فشكر لها وللسيدات وحيا جهودهن في خدمة بلادهن. بدئ في تقديم رئيسة وفد كل دولة، وعندما جاء دوري تحدثت إليه مباشرة من غير ترجمان، وكان المنظر فريدا أن تقف سيدة شرقية مسلمة وكيلة عن الهيئة النسائية الدولية، وتلقي كلمة باللغة التركية تعبر فيها عن شكر وإعجاب سيدات مصر بحركة التحرير التي قادها في تركيا، وقلت: إن هذا المثل الأعلى من تركيا الشقيقة الكبرى للبلاد الإسلامية شجع كل بلاد الشرق على محاولة التحرر والمطالبة بحقوق المرأة، وقلت إذا كان الأتراك قد اعتبروك (أتاتورك) فأنا أقول: إن هذا لا يكفي، بل أنت بالنسبة لنا «أنا الشرق». فتأثر كثيرا بهذا الكلام الذي انفردت به، ولم يصدر معناه عن أي رئيسة وفد، وشكرني كثيرا في تأثر بالغ، ثم رجوته في إهدائنا صورة لفخامته؛ لنشرها في مجلة «الاجيبسيان».

ولقد كانت صورة تركيا الحديثة غير واضحة في الأذهان، ولذلك ذهب البعض إلى اتهامها بالكفر والإلحاد، وجرت في ذلك مساجلات فوق صفحات الجرائد والمجلات، ولكن الحقيقة كما قلت في حديث صحفي مع جريدة المقطم نشر بعد عودتي بيومين: إنه ليلوح لي أن هذا الجديد الذي أحدثه الغازي العظيم لم يكن يعني به إدخال القشور من مدنية الغرب على أبناء البوسفور أو بناته، وإنما كان يعني به تجديد العقليات وتوجيهها إلى وجهة التفوق مسايرة للجيل الحديث، فالسيدة التركية إذن لم تفقد روعتها الشرقية الغالية، ولكنها فقدت - بحكم النهضة الحديثة - هذا الجمود الذي كان يتناولها فيجعل منها مقعدة رهينة حجرات أربع، ورهينة جهل مريع، وهذا بلا ريب من نعمة الأقدار على أخواتنا في إسطنبول.

ناپیژندل شوی مخ