إنه ليسرني حقيقة أن أجد نفسي بينكن في هذه الجمعية المحترمة التي تمكنت فيها المرأة المصرية لأول مرة في التاريخ من المجيء والمناقشة في حقوقها، وإنني لأجد ما يدعو إلى الفخر والغبطة في اختياري لإظهار تلك الرابطة التي تربط بنات النيل بأخواتهن في أوروبا.
حقا لقد مر عصر طويل كنا نعمل فيه بمعزل عن العالم أجمع خلا أزواجنا وأقاربنا، فنشأ عن ذلك انزواء شخصيتنا وبقاؤنا وراء حجاب، على أننا إذا تأملنا في تاريخنا الغابر رأينا أنه في الوقت الذي كانت مصر فيه تشرق في سماء المجد ويتفجر نورها على البلدان، كانت المرأة المصرية تتمتع بحقوق الرجل نفسها. وقد حافظت على هذه الحقوق إلى اليوم الذي وقعت فيه مصر تحت نير الأجنبي، وأصاب المرأة ما أصاب نساء الشرق اللاتي ظللن ولا قانون يحميهن من استبداد الرجل، وقد بقين في هذا الدرك حتى ظهر الإسلام الذي منح المرأة حقوقا لم تحصل عليها من قبل، والتي تقاتل وستقاتل المرأة الغربية في سبيل الحصول عليها اليوم وغدا وبعد غد.
وقد احتفظت المرأة حتى الساعة بهذه الحقوق التي يعترف بها القانون الديني، غير أنها لم تفكر في استعمالها بسبب الجهل الذي شبت فيه ودرجت أربعة قرون كاملة.
وما أفاقت مصر من سباتها العميق إلا في أوائل حكم محمد علي، ذلك المصلح الكبير الذي نهض بالبلاد، وأنشأ المدارس التي فتح بعضها أبوابها للنساء ولولا الاحتلال الأجنبي لما وقفت في سيرها هذه الجهود التي كانت تعمل على رفع مستوى المرأة العقلي، ولكان من المأمول اجتناء جمع ثمارها.
على أن مسألة التعليم الإجباري كانت موضوع المناقشة والبحث في عهد السلطان حسين، ولكن أولي الأمر قر رأيهم على تأجيل إصدار هذا القانون بصفة نهائية ثلاثين عاما.
وقد حرمت الحكومة البنات ابتداء من سنة 1909 من حق أداء امتحان البكالوريا، ثم حرمتهن من نيل شهادة الدراسة الابتدائية، ولهذا السبب فإن بناتنا اللاتي يتعلمن في مدارس الحكومة لا يسمح لهن أن يحترفن إلا إحدى المهنتين مهنة مدرسة ومهنة قابلة.
ولكن لا يجوز أن نغفل هذه الحقيقة الأخرى، وهي أن النقاب كان من أكبر العوامل التي أدت إلى بقاء المرأة في درجة من العلم لا متأخر عنها ولا متقدم، ذلك بأنه في سن معينة يحال دون ذهاب الفتيات إلى معاهد التعليم، ورغما من هذه العقبات تمكنت الكثيرات منهن من ارتشاف مناهل العلم الراقي وبلوغ مكانة أخواتهن الأوروبيات، وقد قصد بعضهن جامعاتكن لإتمام دراستهن.
وقد بدأت المرأة المصرية - بفضل تعلمها ومعرفتها حقوقها أكثر من قبل - تظهر الميل إلى الاستفادة من الامتيازات التي يخولها القانون إياها، وها نحن أولاء نراها اليوم تحتل مكانة هامة في الأسرة والمجتمع والحياة السياسية.
والآن، فلنخلص الحقوق والمطالب التي سنبسطها غدا.
أما فيما يتعلق بتعدد الزوجات الذي انتقده أهل الغرب انتقادا مرا، فإني أظن أن القرآن الكريم بتحديده عدد النساء إلى أربع مطاع، ولكنه لا يوحي بهذه العادة التي كانت منتشرة عند قبائل العرب قبل الإسلام، فإنه يقول بالنص:
ناپیژندل شوی مخ