330

ينبغي للمتكلم ، شاعرا كان او كاتبا ، ان يتأفق في ثلاثة مواضع من كلامه ، حتى تكون اعذب لفظا :

بأن يكون : في غاية البعد من التنافر والثقل ، واحسن سبكا.

بأن يكون : في غاية البعد من التعقيد ، والتقديم ، والتأخير الملبس.

وان يكون : الألفاظ متقاربة في الجزالة والمتانة ، والرقة والسلاسة ، ويكون : المعاني مناسبة لألفاظها ، من غير ان يكسى اللفظ الشريف المعنى السخيف ، او على العكس ايضا بل يصاغان صياغة تناسب وتلائم ، واصح معنى : بأن يسلم من التناقض ، والامتناع ، ومخالفة العرف ، والابتذال.

ومما يجب المحافظة عليه : ان يستعمل الألفاظ الدقيقة ، في ذكر الأشواق ، ووصف ايام البعاد ، واستجلاب المودات ، وملاينات الاستعطاف وامثال ذلك.

احدها : اي : المواضع الثلاثة الابتداء ، لأنه اول ما يقرع السمع فان كان عذبا ، حسن السبك ، صحيح المعنى ، أقبل السامع على الكلام فوعى جميعه.

والا ، اعرض عنه ، ورفضه ، وان كان الباقي في غاية الحسن.

فالابتداء الحسن في تذكار الأحبة والمنازل ، كقول امرء القيس :

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل

بسقط اللوى بين الذحول فحومل

وقدح بعضهم في هذا البيت : بما فيه من عدم التناسب بين شطريه ، لأنه وقف واستوقف ، وبكى واستبكى ، وذكر الحبيب والمنزل في الشطر الاول : عذب اللفظ ، سهل السبك ، ثم لم يتفق له ذلك في الشطر الثاني بل اتى فيه بمعان قليلة ، في الفاظ غريبة ، فباين الأول.

مخ ۳۳۲