يكن العلم متصورا بوجه من الوجوه ، وهو ممنوع ، فالأولى ان يقال : لا بد من تصور العلم برسمه ، ليكون الشارع فيه على بصيرة في طلبه ، فان الطالب اذا تصور العلم برسمه ، اطلع على جميع مسائله اجمالا ، حتى ان كل مسألة ترد عليه ، علم انها من ذلك العلم ، كما ان من أراد سلوك طريق لم يشاهده ، لكن عرف اماراته ، فهو على بصيرة في سلوكه.
والى ما ذكرنا : يرجع ما يأتي في أول الفن الأول ، من قوله : «وقبل الشروع في مقاصد العلم» اشار الى تعريفه وضبط أبوابه اجمالا ليكون للطالب زيادة بصيرة.
ولان كل علم فهي : مسائل كثيرة ، تضبطها جهة وحدة باعتبارها تعد علما واحدا يفرد بالتدوين ، ومن حاول : تحصيل كثرة يضبطها جهة وحدة ، فعليه : ان يعرفها بتلك الجهة ، لئلا يفوته ما يعنيه ، ولا يضيع وقته فيما لا يعنيه.
اما وجه التوقف على الثاني ، اي : الغاية : فلانه لو لم يعلم غاية العلم والغرض عنه ، لكان طلبه عبثا.
توضيح ذلك : ان الشروع في العلم ، فعل اختياري ، فلا بد ان يعلم اولا : ان لذلك العلم فائدة ما ، والا لامتنع الشروع فيه من ذي عقل وحكمة ، ولا بد ان يكون تلك الفائدة معتدا بها ، بالنظر الى المشقة التي تتحمل في تحصيل ذلك العلم ، والا لكان شروعه في ذلك العلم وطلبه مما يعد عبثا عرفا ، وبذلك يضعف ارادته وجده قطعا ، ولا بد ان تكون تلك الفائدة من الفوائد التي تترتب على ذلك العلم حتما ، والا لربما زال اعتقاده بعد الشروع فيه ، لعدم المناسبة ، فيصير سعيه
مخ ۳۰۲