ألا ترى قول القائل المشافه : «اسقني الماء» او «ناولني الكتاب» فان المخاطب يفهم مراده على القطع ، ويبادر الى سقيه الماء ، او مناولة الكتاب ، مع ان هذه الاحتمالات قائمة ، وما ذاك الا لوجود قرائن حالية اقترنت بالخطاب ، وعينت المراد منه على القطع ، مع توهم هذه الاحتمالات ، والغت الاحتمالات وانتفت.
وقال : وكذا يجد في الأدلة الشرعية ، ما استفيد مدلوله على القطع مع هذه الاحتمالات ، وذلك : لأنه كما نقل لفظه الآخر عن الأول جاز ان ينقل معه تلك القرائن الحالية ، التي فهم بها المخاطب الأول مراده على القطع ، فنوقل اليقين بالمراد مع الغاء امر هذه الاحتمالات لانها وان كانت متوهمة ، فمن حيث مجرد اللفظ والقرائن الحالية المذكور تدفعها وتنفيها.
قال : وهذا شبهة الامام ، فلنا نحن ان نقول هنا مثل ذلك ، وان هذه الأحاديث النبوية والكلمات اللغوية ، قامت عند المستدلين بها قرائن حالية ،. دالة بالقطع على عدم تغيير ألفاظها وصيغها ، وتنوقلت بينهم تلك القرائن ، واخذها الآخر عن الأول ، فبنوا صحة الاستدلال بها ، على ذلك اليقين المتناقل.
المسلك الثاني : التنزيل من ادعاء القطع الى دعوى غلبة الظن ، الذي هو مناط الأحكام الشرعية كلها ، وكذا ما يتوقف عليه من نقل مفردات الألفاظ ، وقوانين الاعراب ، فليس اليقين مطلوبا في شيء من ذلك.
وهذا الذي عليه كافة العلماء ، في ان اكثر مدارك الأحكام ظنية واذا غلب على الظن ، ان صيغ هذه الأحاديث والكلمات المنقولة لم
مخ ۲۷۲