استحيوا من الله حق الحياء.
قلنا : انا لنستحي من الله يا رسول الله.
قال (ص): ليس ذلك ، ولكن الاستحياء من الله : ان تحفظ الرأس وما وعى ، والبطن وما حوى ، وتذكر الموت والبلى ، ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا.
ومن ذلك : ما رواه عبد الله بن سلام ، فقال : لما قدم رسول الله (ص) فجئت في الناس لأنظر اليه ، فلما تبينت وجهه علمت انه ليس بوجه كذاب ، فكان اول شىء تكلم به ، ان قال : ايها الناس ، أفشوا السلام ، وأطعموا الطعام ، وصلوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام.
وقال ايضا فان قيل : فاذا كان (السجع) أعلى درجات الكلام كما ذهبت اليه ، فكان ينبغي ان يأتي القرآن كله مسجوعا ، وليس الأمر كذلك ، بل منه المسجوع ، ومنه غير المسجوع.
قلت في الجواب : ان اكثر القرآن مسجوع ، حتى ان السورة لتأتي جميعها مسجوعة ، وما منع أن يأتي القرآن كله مسجوعا ، الا انه سلك مسلك الايجاز والاختصار ، والسجع لا يؤاتي في كل موضع من الكلام على حد الايجاز والاختصار ، فترك استعماله في جميع القرآن لهذا السبب.
وهاهنا وجه آخر ، هو اقوى من الأول ، ولذلك ثبت ان المسجوع من الكلام أفضل من غير المسجوع ، لأن ورد غير المسجوع معجزا ابلغ في باب الاعجاز من ورود المسجوع. أجل ذلك تضمن القرآن القسمين جميعا انتهى.
وسيأتي للسجع احكام اخر ، في محله في علم البديع انشاء
مخ ۱۴۷