١ - قال صاحب كتاب كليلة ودمنة: يقال من صفة الناسك الوقار والاستتار بالقنوع ورفض الشهوات للتخلي من الأحزان وترك إخافة الناس لئلا يخافهم
" ١ " قال عبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان يصف رجلا:
نقيٌّ للدنيئة ذو اجتناب ... يخاف الله ذو فعل سديدِ
تستر بالقنوع فكان أبهى ... من الملك المؤيد بالجنود
وأقصى اللهو والشهوات عنه ... فلم يحزن على عرضٍ فقيدِ
" ٢ " وقال سالم بن أبي الجعد الأشجعي الحروري في ترك إخافة الناس:
إذا أمن الجميعُ المرءَ أمسى ... على أمنٍ وباتَ على مِهادِ
٢ - قال صاحب الكتاب: ويقال الأخلاط في الإنسان أربعة متعادية متغالبة تغذوهنَّ الحياة، والحياة إلى نفاد، كالصنم المفصلة أعضاؤه يجمعها مسمارٌ واحد، فإذا نزع المسمار تساقطت
" ٣ " قال ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العُزى وكان في جاهليته نصرانيًا حكيمًا:
ويُجمع بالسكّيِّ منها صغارُها ... وما جل منها فهي لا تتفرَّق
فإن أُخِذَ السَّكّيِّ منها تبددت ... تَبَدُّدَ ظهر الماء لا يتلفقُ
٣ - قال صاحب الكتاب: يقال الجامع للأهل والأقارب بغير اقتصاد كالدُّخنة تحترق ويذهب بريحها غيرها
" ٤ " قال شبيب الأشجعي الحروري:
وجَمعتُ من شتى حراماَ وغيره ... حلالًا لأعداء لَديَّ أقارب
فكنت يَلنجوجا أصابَ بِطيبه ... رجالًا وأرداهُ حريقُ اللواهبِ
٤ - قال صاحب الكتاب: الدُّنيا كالماء الملح الذي كلما ازداد منه صاحبه شربًا ازداد عطشًا
" ٥ " قال عديُّ بن زيد العبادي:
مُطالبُ دُنياهُ بإتعاب نَفسه ... كواردِ ماءٍ من أجاجٍ مُكدَّرِ
فما ازداد شربًا منهُ إلا أثابَهُ ... به عطشًا يرويه في كلِّ مَصدرِ
٥ - قال صاحب الكتاب: أو كالعظم يُصيبه الكلب يجد فيه رائحة اللحم فيطلبها فتدمي فاه فلا يزداد لها طلبًا الا ازداد لفيه ادماء
" ٦ " قال الحُويدرة الذُّبياني، وكان من حكماء العرب:
إذا النابحُ العاوي أصاب معرَّقًا ... من اللحم أنحى يطلُبُ اللَّحمَ بالجدِّ
فَيُدمي به فاه وَيَطْلُبُ جاهدًا ... فيزدادُ إدماءً لفيه ولا يُجدي
فلا تُجهِدنَّ في ما زواله ... وشيكٌ على قُربٍ من الدَّار أو بُعدِ
٦ - قال صاحب الكتاب: أو كاللَّعقة من العسل وفي أسفلها سُمٌ ذعاف، فلذائقها حلاوة عاجلة وفي أسفلها سم ناقع
" ٧ " قال أبو قابوس العبادي: واحذر حلاوتها فإنَّ وراءها سُمَّا ذُعافَا
٧ - قال صاحب الكتاب: أو كدودة الإبريسم التي كلما ازدادت على نفسها لفًا ازدادت من الخروج بُعدًا
" ٨ " قال عديُّ بن زيد العبادي:
وَلا تكُ في الإلحاح في إثر فائت ... تُحاول مِنه فائتًا ليس يُطلبُ
كَصانعَةِ القزِّ التي كلما ارتدت ... بصنعتها كانت إلى اللُّبْثِ أقرَبُ
٨ - قال صاحب الكتاب: ويقال العاقل حقيق أن لا يُغفل أمر آخرته والتزود لها، فإن الموت يأتي بغتة وليس بينه وبين أحد أجل معلوم
" ٩ " قال المتلمِّس واسمه جرير بن عبد المسيح الضُّبَعي: وأعلمُ علمَ حق غير ظن وتقوى الله من خير العتادِ لحفظ المال أيسر من بغاهُ وضرب في البلادِ بغيرِ زادٍ " ١٠ " وقال المُقَنَّعُ الكنديّ في مثله: أرى الموتَ لا يأتيك إلا فُجاءةً فلا موعدٌ مِن قبل ذلكَ يُعرفُ
٩ - قال صاحب الكتاب: ويقال العاقل يعد أبويه أصدقاء وإخوته رفقاء وأقاربه غرماء ويعد نفسه فريدًا وحيدًا
" ١١ " قال أبن براقهَ الهمدانيّ:
أعُدُ قرابتي طلاب دَيْنٍ ... كما أبواي في ودِّ الصديق
ونفسي مُوحشًا فردًا وصنوي ... رفيقًا حين يؤنسُ بالرفيق
١٠ - قال صاحب الكتاب: يقال يعد من البهائم من لم يكن له همة إلا بطنه أو فرجه من كان
" ١٢ " قال الحُطَيئة وهو جرول العبسي: وإنكَ للثور الذي لا يعوقه سوى بطنه فيما يُحاول شاغل
١١ - قال صاحب الكتاب: ويقال من عاش غير خامل ذا فضل على نفسه واصحابه فهو وان قلَّ عمره طويل العمر
" ١٣ " قال بِشر بن أبي خازم الأسدي:
1 / 1
لئن إضتَ ميتًا لم تُعمركَ مُدةٌ ... لأنت الذي يُحييك في الغابِرِ الذكرُ
١٢ - قال صاحب الكتاب: من كان عيشه في ضيق ووحدة وقلة خير على نفسه وعلى الناس فهو وان طال عمره قصير العمر
" ١٤ " قال جرير بن خَرقاء العجلي في المُيسر بن يَسارِ المذحجي:
لئن كنت ذا مال ضنينًا مُذممَّا ... يُمدك عُمرٌ في الحياة طويلُ
فأنت قصيرُ إذ أنت سبةٌ ... ومشتمةٌ في الغابرين بخيل
١٣ - قال صاحب الكتاب: الارتفاع من ضعة المنزلة إلى شرفها عسير والانحطاط من شرفها إلى ضعتها يسير، ومثل ذلك مثل الحجر الثقيل الذي رفعه من الأرض إلى العانق عسير، وطرحه من العانق إلى الأرض يسير.
قال أبن أساف:
رُقِيُّك من دنيء الأمر تسمو ... إلى شرف تحاوله عسيرُ
كمثل الانحطاط من المعالي ... إلى ضعة فمطلبُها يسير
١٤ - قال صاحب الكتاب: لا يواظب على باب السلطان أحد فيطرح عنه الأنفَ ويحتمل الأذى ويكظم الغيظ ويرفق بالناس الا بلغ حاجته من السلطان
" ١٦ " قال أبن عُرْفُطَة الضبعي:
إذا أنت لم تأنف وأغضيتَ مُقلةً ... وكنت لما يؤذي الورى متجنبا
وتحملُ ما يؤذي وتكظمُ صابرًا بلغتَ من السلطان ما شئت مطلبا
١٥ - قال صاحب الكتاب: ويقال في أمور ثلاثة لا يجترئ عليها الا أهوج ولا يسلم الاقليل؛ صحبة السلطان وركوب البحر وشرب السم للتجربة
" ١٧ " قال عَبدُ بالثقفي:
مُصاحبُ سلطان وراكب لُجة ... سواءٌ إذا حصلتَ والشاربُ السُّمَّا
١٦ - قال صاحب الكتاب: ويقال شبهت العلماء السلطان بالجبل الصعب الذي فيه جميع الثمار الطيبة وهو معدن السباع وجميع الهوام فالارتقاء إليه عسير والمُقام فيه أعسر.
" ١٨ " قال أبو مسكين مولى عبد الله بن الزُّبير له:
سَموتَ إلى أمرٍ يعزُّ طلابُهُ ... كما عزت الأثمار في جبلٍ وعر
مَهايعُهُ وعرٌ فما يستطيعها ... وُلوجًا على حال أبا لسةُ السفر
ولو قطعُوها لم يُطيقوا معرسًا ... وغالهم غُثْر السباعِ مع البَبرِ
١٧ - قال صاحب الكتاب: ويقال لِنْ للعدو حتى تمكن الفرصة فإن مثل ذلك مثل الريح العاصف لا تضر الصغير من النبات وتقصم العظيم من الشجر.
" ١٩ " قال قيس بن زهير العبسي:
لِنْ للعدوِّ ودارهِ كي تُخاتلهُ ... عن فُرصةٍ منه والأشياءُ بالفُرَصِ
" ٢٠ " وقال المرار بن سعيد الأسدي:
الرِّيحُ تعصف بالبقلِ الرطيب فلا ... يخشى هلاكًا وتُردي الجذع ذا العِظَمِ
١٨ - قال صاحب الكتاب: يقال من سكرات السلطان الرضا عمن يستوجب السخط والسخط عمن يستوجب الرضا ولذلك قيل خاطر من لجَّجَ في البحر وأشد منه مخاطرة من صحب الملوك بغير أدب.
" ٢١ " قال يزيد بن الطثرية:
سَخِطْتَ ولم أذنب وترضى مُخالفًا ... كأني أخو ذنبٍ ففعلُكَ مُعجِبُ
فلو زُرْت مَلكًا غير مخاطر ... وإن كنتُ أدنى واصلًا وأقرِّب
ولو أنني لججْتُ في البحر عائمًا ... على خطرٍ في لُجَّةٍ أتسربُ
لكنت على ودِّيكَ فيما تسومني ... مُخاطرة في الناسِ من دينِ أعجبُ
١٩ - قال صاحب الكتاب: ويقال من ضَمَّ الدر والياقوت بالرصاص فليس ذلك تقصيرًا بهما ولكنه جهل ممن فعله
" ٢٢ " قال أبو مسكين:
لَعَمري لما قصرتَ بي إذ هجوتني ... ولكن بجهلٍ من فِعالِكَ شائِنِ
٢٠ - قال صاحب الكتاب: ويقال لا تحقرن رجلًا صغير المنزلة فان الصغير ربما عظم وبلغ، كالعَقَب من الميتة يؤخذ فيعمل منه القوس والوتر والترس فيحتاج إليه الملك في بعض حالاته من لهو أو بأس
" ٢٣ " قال مولد بني جوين يريد به مولاه:
ومُستَصْغِرٍ مِثلي بجهل تملُّكٍ ... وقلة عِلمٍ بالرجال وبالصحبِ
وَرُبَّتَمَا يحتاجُ ذو المُلك صاغرًا ... إلى عظم ميت في السرور وفي الحرب
إلى مُديةٍ لولا النصابُ لما أتت ... هواهُ إلى جدٍّ من الأمر أو لعب
٢١ - قال صاحب الكتاب: ويقال العاقل لا يدع استشارة عدو إذا كان ذا رأي في الأمر الذي يشركه في ضره أو نفعه
1 / 2
" ٢٤ " قال ابن جذل الطعان:
شاور عدوك ذا الرأي الأصيل إذا ... ما خافَ خوفكَ في سرٍ وإعلانِ
٢٢ - قال صاحب الكتاب: يقال إذا لقي اللاقي عدوه في المواطن التي يعلم أنه غير ناجٍ منه فيها كان حقيقيًا بالمقاتلة كرمًا وحفاظًا
" ٢٥ " قال الأصمُّ بكير يوم ذي قار:
إذا كنت تخشى من عدوك صولةً ... ولم تستطع دفعًا لها حين يُقدِمُ
فقاتل حِفاظًا أو فمُتْ موتَ فارس ... فللموت في أمثال هاتيك أكرمُ
٢٣ - قال صاحب الكتاب: ويقال الرجال ثلاثة حليم وحازم وعاجز؛ فالحليم إذا نزل به الأمر من البلاء لم يدهش ولم يذهب قلبه شعاعًا ولم يعي برأيه وحيلته التي بها يرجو المخرج، والحازم الذي يتقدم في العدة للامر يتخوفه قبل نزوله به، والعاجز لا يزال في تردد وتحير والتباس حتى يهلك
" ٢٦ " قال الربيع بن زياد الحارثي:
يَزداد ذو الحلم حلمًا حين يَدْهَمُهُ ... من مُعضل الأمر ما يُعيي ويجتاح
والحازم الأمر يُعنى قبل مبعثه ... بفادح منه إمساءٌ وإصباحُ
والعاجز الرأي لا ينفك يشغله ... طول التردد أو يلقاه مجتاحُ
٢٤ - قال صاحب الكتاب: ويقال من هذا الذي بلغ من الدنيا جسيما فلم يبطر
" ٢٧ " قال ابن براقة الهمداني:
إذا نال من دُنياه حظًا رأيته ... أخا بطرٍ زاهٍ كثير التطاولِ
٢٥ - قال صاحب الكتاب: ويقال من تبع الهوى فلم يعثر ومن جاور النساء فلم يفتن ومن صاحب الأشرار فسلم ومن خدم الملوك فلم يعطب
" ٢٨ " قال عدية العُدواني:
ومن تبع الأهواء لا زال عائرًا ... ومن صحب الأشرار يومًا سندمِ
ومن جاور النسوان طال عناؤه ... ومن خدم الجبار خاطر بالدمِ
٢٦ - قال صاحب الكتاب: ومن صحب الملوك فدام له منهم الاحسان
" ٢٩ " قال سوار الغَنَوي وكان من عمال الحجاج فعزله:
متى دام إحسان الملوك فأرتجي ... ثبات مكاني مِنك إني لَجاهلُ
٢٧ - قال صاحب الكتاب: ومن طلب معروف اللئام فلم يهن
" ٣٠ " قال عَوف الضِّبِّي:
أهنتُ نفسي لما أن طلبتكم ... وكنتُ ظالمها في حين أعروكا
٢٨ - قال صاحب الكتاب: ويقال مصاحبة الأشرار تورث صاحبها سوء ظن الأخيار
" ٣١ " قال عون بنُ عون القُرشي:
وصاحبت أشرارًا فما لومك الذي ... يزِنُّكَ بالسوآء إن كُنت طاهرًا
٢٩ - قال صاحب الكتاب: ويقال العجب كل العجب من رجل تطلب رضاه قلا يرضى، وأعجب من ذلك أن ترضيه فيسخط
" ٣٢ " قال ابن الدُّمينة الخثعمي:
لئن قهقهت عجبًا وقالت مُبرسمٌ ... لما كان منها لو تَكلمُ أعجب
أحاول أن ترضى فتزداد سُخطةً ... فكيف إليها ما يكون التقربُ
٣٠ - قال صاحب الكتاب: إذا كانت الموجدة عن علة كان الرضا موجودًا، وإذا كانت عن غير علة كان معدومًا
" ٣٢ " قال ورقاء المزني:
إذا كنت ذا عتبٍ ولم أكُ مُذنبًا ... فكيف بما ترضى يكون التنصلُ
٣١ - قال صاحب الكتاب: ويقال من التمس الرخص من الإخوان عند المشاورة ومن الأطباء عند العلة ومن الفقهاء عند الشُبهة لم يخطأ الرأي وازداد علة ومرضًا
" ٣٤ " قال سعد الغنوي:
لا تُرخص لمستشير فيخطي الرأي فيما أتاك في كل أمروكذاك الطبيب إن عالج المُعتل رخصًا أنالهُ كلَّ ضُرِّ
٣٢ - قال صاحب الكتاب: يقال ربما كان الهلاك في بعض ما يقسم من الفضل كالشجرة الطيبة الثمرة هلاكها في طيب ثمرتها، وكالطاووس الذي ربما كان ذنبه وبالًا عليه عندما يحتاج إلى الخفة فيثقله ويقعد به حتى يهلكه وهو حُسنه
" ٣٥ " قال الحُويدْرة الذُبياني في سنان بن أبي حارثة أبي هَرِم:
تناوَلَتْهُ يدُ الطُرَّاقٍ قاصدةً ... فأحسن الرفد حتى آض ذا عَدمِ
٣٣ - قال صاحب الكتاب: ويقال الفرس الجواد القوي الوطيء الفاره يطال اقتعاده وإتعابه لفضل ما عنده فيكون في سبب هلاكه
" ٣٦ " قال الأجدع الهمداني في المساور بن هند وإلحاحه على أسماء بن خارجة:
لما رأيت أخا مال يجودُ به...... ذاكَ بالإلحاح فافتقرا
1 / 3
٣٤ - قال صاحب الكتاب: ويقال ذو المروءة ربما هلاكه في مروءته لاحتماله ولكظمه مالا يكظم عليه وإن من لا مروءة له أكثر من ذوي المروءة كما ان الأشرار أكثر من الأخيار بكل مكان. فإذا عادى الأشرار خيرًا كثروه وكادوا وشيكًا أن يهلكوه.
" ٣٧ " قال عوانة بن عقيل الأزدي:
وقد تكون مروءات يُعاشُ بها ... وأخرياتٌ تسوق البؤس والعطبا
" ٣٨ " وقال الحُمارس بن جعونة المازني:
ذوو المروءة والأخيار حيثُ ثووا ... قُلٌّ، وغيرُهُم في كثرةٍ العدد
كالرملِ عزَّ فلا يُحصى له عَدَدٌ ... فالقُلُّ جمْعُهُمُ في القربٍ والبُعُدِ
ينكون ما اجتعواغ حتى إذا افترقوا ... لم يعرفوا بأنيسانٍ ولا بلدِ
٣٥ - قال صاحب الكتاب: ويقال من بذل نصيحته وشفعته لمن لا يستمع منه ومن لا يشكر له إن سمع، كان كمن يبذر زرعه في السباخ
" ٣٩ " قال وَعلة بن عامر المُرِّيّ:
إذا نصحت بإحسان تقومُ به ... مَن ليس يَشكُرُ ما أو ليتَ من حسن
كنت الذي استودع المعزاء من خرقٍ ... بذرًا فَلم يزك في سرٍّ ولا علنِ
٣٦ - قال صاحب الكتاب: ويقال الماء ألين من القول بالحجر أشد من القلب والماء إذا كثر انحداره على الحجر لم يلبث ان يؤثر فيه.
" ٤٠ " قال في مثل اثر القلب سُرادق بن علوان الذُّهلي:
وقلتُ لها أدميت قلبي بلفظة ... نطقْتِ بها والقلب يجرحه اللفظُ
فَقالت لَحاك الله جئت عجيبةً ... أيجرحُ قلبَ المرء في صدره الوعظُ
" ٤١ " وقال في مثله من الماء واثره في الحجر المُرازم بن عرقوب العَدَويّ:
وقلتُ له للماء ألين فاعلمن ... من القول قذفًا بالشتيمةِ والسَّبِّ
كما الصخرةُ الصماءُ أقسى مَجسَّة ... وأخشنُ لمسًا يا عُمَيْرُ مِنَ القَلبِ
ولن يلبثَ الماءُ الطويلُ انصبابُه ... على الصَّلد أن يبدو بهِ أثرُ الصَّبِّ
٣٧ - قال صاحب الكتاب: ويقال النجدة يدركها الزلل مع خطأ الرأي والرأي يجزئ بلا نجدة والبأس والنجدة لا يستغنيان عن الرأي
" ٤٢ " قال ابن زياد لأخيه الربيع حين كان منه إلى قيس بن زهير ما كان:
أرى الرأي يُغني دون بأس ونجدةٍ ... وما بهما عنه غنى حيث يمما
وكم فارسٍ قد زَلَّ زلَّةَ عاثرٍ ... إذا هو أخطا رأيه فتحطما
٣٨ - قال صاحب الكتاب: ويقال لا خير في القول إلا مع الفعل ولا في الفقه إلا مع الورع ولا في الصدقة إلا مع النية
" ٤٣ " قال رشيد بن رميض العنزي:
الفقهُ لا يصلُحُ إلا بالورع ... والقول بالفعل إذا المرء وزَعْ
وبالنيات لا الفعل يُنتفع ... والبرُّ أولى بالفتى حيث رتع
٣٩ - قال صاحب الكتاب: ويقال الأدب يذهب غي السكر ويزيد الأنوك سُكرًا كما ان النهار يزيد كل ذي بصر بصرًا ويزيد الخفاش وأمثاله عمى
" ٤٤ " قال العرزمي الحميري:
وسُكْرُ الغِنى السُّكرُ الذي هو مُهلكٌ ... لعمرُ أبيك الخير لا سُكْرُ شاربِ
وعن أدبٍ يصحو أخو السكرِ بالغنى ... إذا كان ذا رأي وَرَبَّ تجاربِ
كما الأنوك النشوان يزداد ضلةً ... وسُكرًا بِهِ في بُعْدِهِ والتقاربِ
٤٠ - قال صاحب الكتاب: ويقال العاقل لا يبطر لمنزلة أصابها وإن عظم ذلك كالجبل الذي لا تزلزله الرياح وإن اشتدت وعظمت عليه والسخيف تبطره أدنى منزلة كالنبات الغض تحركه أدنى ريح.
" ٤٥ " قال المرار بن سعيد الأسدي يمدح محمد بن منصور التميمي ويهجو حاتم بن مخلد بن يزيد بن المهلب وكان محمد والي البصرة:
وَلوَ كُنتَ ذا عقلٍ رجَحْتَ ولم تكن ... لتبطر بالنعما ولو نلتَ مرغبا
فَيَا غَضَّ نبت حرَّكته من الصبا ... نُفيحة ريح فالتوى مُتقلبا
متى كنت عدْلَ الطودِ من آل مالك ... وهل ضرعٌ شختٌ يُعادلُ أغلبا
٤١ - قال صاحب الكتاب: ويقال من الخرق والحمق أن يعامل الإخوان بغير وفاء ويطلب الفوز بالرياء ومودة النساء بالغلظة ونفع الناس بمضرة الناس وبلوغ الفضل بالخفض والدعة
1 / 4
" ٤٦ " قال الراعي الربعي وهو راعي الغنم يهجو إبراهيم بن الوليد ابن يزيد:
تُعاملني بغير وَفاء وعد ... وقول بئس أفعال الصديق
وتطلب بالرياء الفوز جهلًا ... لقد أوفيتَ من بلدٍ سحيق
وتحوي وُدَّ غانيةٍ بعسفٍ ... ألا حاولت غير مدى الطريقِ
" ٤٧ " وقال في مثله أيضًا عُبيد الله بن قيس الرُّقيات يهجو الوليد بن عُقبة بن أبي مُعيط:
أترجو أن تكونَ شريفَ قومٍ ... وتحوي المُلك والمَجدَ الرفيعا
بمزمار وغانيةٍ وعودً ... وكأس لا تزالُ لها صريعا
وتحرُبُ صاحبًا وتمينٌ خلًا ... لقد حاولتَ من أمرٍ بديعا
٤٢ - قال صاحب الكتاب: ويقال لا تلتمس تقويم ما لا يستقيم ولا تعالجنَّ تأديب من لا يتأدب فإن الحجر لا يجرب بالسيوف والعظم لا يعالج انحناؤه ولا تقويمه
" ٤٨ " قال الأزلم الفقعسي:
أراني فيه أتعبتُ نفسي ... أقوِّمُ مِنهُ ما لا يستقيمُ
لقد أعيى على الماضين قبلي ... وكيف يُقوَّمُ الضَّلعُ القديمُ
" ٤٩ " وقال آخر في مثله:
لا تَجهلنَّ كذي سيفٍ أراد به ... كَسرَ الصُّلودِ فآضَ السيفُ مفلولا
٤٣ - قال صاحب الكتاب: ويقال رب متحمل أوقعه تمحله في ورطة ومن لم يتثبت في الحيل اوقعته حيلته في أشد مما يحتال له والحيلة اجزى من القوة
" ٥٠ " قال ابن أُبير الفزاري في مثل تمحُّل الحيلة:
تمحَّلتُ ما أرجوهُ نَفعًا فَنالني ... بداهيةٍ آلت بنا كُلَّ موئِلِ
فكنتَ كمُحتالٍ أصابتهُ حيلةٌ ... له بالردى فارتثَّ في شرِّ منزلِ
" ٥١ " وقال في مثله من الرأي شُرحبيل بن جبلة الكندي في عمرو بن العاص حين أشار على معاوية برفع المصاحف على الرماح عندما مرتهم الحرب:
وحيلُ ذي الرَّأيِ الاصيل برأيهِ ... من الناسِ أنكى في العدوِّ وأوجَعُ
٤٤ - قال صاحب الكتاب: ويقال عذوبة الأنهار ما لم تنته إلى البحار وصلاح أهل البيت ما لم يدخل بينهم مفسد وتقارب الإخوان ما لم يدخل بينهم السعاة
" ٥٢ " قال كُثَيَر عزة:
وَغَيَّرك الواشون لما جعَلْتهمْ ... شِعارًا بنثٍّ من مقال مُشَنَّعِ
كما غير العذب الأجاج فعافهُ ... لتغييرهِ الورَّادُ في كُلِّ مشْرَعِ
" ٥٣ " وقال عامر بن عمرو الذُهلي في تفرق بكر وتغلب:
وكانت علينا نعمةٌ وبقيةٌ ... ونحن بنو عمٍّ عظامُ المراتبِ
فأفسدنا حتى نشتت شمْلُنا ... وأفقدنا النعماء أشأمُ صاحِبِ
" ٥٤ " وقال في مثله هُدبة بن خشرم العُذري عند قتله ابن عمه زيادة:
وكنا وديدي ألفة وتقرب ... صفييْنِ لم نَحفِل مقالًا لقائلِ
فغيرنا صرفٌ من الدهرِ عاثرٌ ... وساعٍ سعى ما بينَنَا بالغوائل
٤٥ - قال صاحب الكتاب: ويقال لا يود رجل رجلًا ولا يبغضه إلا وجد له الآخر مثل ذلك علم أو لم يعلم
" ٥٥ " قالت أعرابية:
تَنَحَّلْتَ مِنْ ودِّنا باطِلًا ... لأنَّ فؤادي لك المُبغِضُ
" ٥٦ " وقال في مثله آخر ولكنه محدث:
العَيْنُ تَعْرِفُ في عينيْ مُحدِّثِها ... إن كان من حِزبها أوْ مِنْ أعاديها
٤٦ - قال صاحب الكتاب: ويقال السبب الذي يدرك به العاجز حاجته هو الذي يحول بين الحازم وبين طلبته
" ٥٧ " قال زَبَّان بنُ سَيار الفزاري:
بما نلت حظًا من نعيم وثروةٍ ... حرمت على حزمي وإنك واهن
فصدقت بالمقدور تصديق مُوقن ... بما خط في المحفوظ إذ هو كائن
٤٧ - قال صاحب الكتاب: يقال المودة بين الصالحين بطيء انقطاعها سريع اتصالها مثل ذلك مثل كوز الذهب البطيء الانكسار الهين الإصلاح والمودة بين الاشرار بطيء اتصالها سريع انقطاعها مثل ذلك كوز الفخار تكسره ادنى علة ثم لا صلاح له أبدًا.
" ٥٨ " قال أبو المغراء السُّلمي لسيار الليثي:
أودُّك للرحمن لا ودَّ راغب ... وأحر بودٍّ في الإله يكون
بأن لا يخاف الصالحون انقطاعه ... وأني وما أفضوا إليه يقين
1 / 5
ومن كان في غير الإله إخاؤه ... تقطَّع مِنه الحبل وهو متين
٤٨ - قال صاحب الكتاب: ويقال الكريم يود عن لقائه مرة واحدة ومعرفة يوم، واللئيم لا يصل أحدًا إلا عن رغبة أو رهبة
" ٥٩ " قال زياد بن عصام الكلبي:
وداد الكريم عن لقاء وموقف ... أبرُّ وأزكى من إخاء لئيمِ
وإن كان لا ينفك خدنًا مُساعدًا ... فما مثله لي بالوفاء زعيمُ
٤٩ - قال صاحب الكتاب: ويقال أهل الدنيا يتعاطون فيما بينهم خلتين يتواصلون عليهما: ذات النفس وذات اليد فالمتعاطون ذات النفس هم الأصفياء المتخالطون وأما المتعاطون ذات اليد فهم المتعاونون المتعاضدون الذين يلتمس بعضهم الانتفاع ببعض.
" ٦٠ " قال سَمُرةُ بن معقل الأشعري:
تلاءم شملنا عن ذات نفس ... وصحة نية وصفاء ودِّ
ولم نكُ كالذين لغير وُدٍّ ... تعاطوا ذات أيديهم بحمد
يُعاضد بعضهم بعضًا رجاءً ... لنفعٍ حين يعضُدُ لا لعهد
٥٠ - قال صاحب الكتاب: ويقال من كان إنما يصنع المعروف التماس الجزاء فإنما مثله مثل الصياد يبذل من إلقائه الحب للطير لا يريد به نفعها ولكنه يريد بذلك نفع نفسه
" ٦١ " وقال حرملة العوفي: إذا كنت مني تبتغي لا محالة جزاء الذي أوليتني يا مجالد
فأنت وعلافُ الخروف لذبحه ... من السُّمْسُمِ المقشورِ بالإربِ واحد
٥١ذ - قال صاحب الكتاب: ويقال عن علامة الصديق أن يكون لصديق صديقه صديقًا ولعدو صديقه عدوًا.
" ٦٢ " قال:
أُواصل من وصلت من الأنام ... وأرمي بالعداوة من تُرامي
وأحفظ من صديقكَ مثل حفظي ... إخاءكَ في المسير وفي المقام
" ٦٣ " وقال غيره: إذا والى صديقك من تُعادي فقد عاداك وانقطع الكلامُ
٥٢ - قال صاحب الكتاب: ويقال الخرس خير من البيان بالكذب والعي خير من الهذر والفاقة خير من السعة من أموال الناس والحرص والشره يؤديان أصحابهما إلى البلاء
" ٦٤ " قال رفاعة الفقعسي:
لعيُّك أحجى من مقالك هاذرًا ... خَناءً وزورًا فاتعظ سبَّ مُسلِمِ
وللفاقة السوءَاءُ خيرٌ من الغنى ... بمال العباد عن حرام مُحرَّمِ
" ٦٥ " وقال الباهلي النصر بن المخيس النصري: أتغضي على حرص وتشره مُعلنًا رويدَكَ فانظر ما إليه تؤوب
٥٣ - قال صاحب الكتاب: ويقال لا حسب مثل الخلق ولا غنى مثل القنوع وأحق ما صبر عليه ما ليس إلى غيره سبيل
" ٦٦ " قال امرؤ القيس بن حُجر:
ذريني إنما حسبي فعالي ... وحُسْنُ تجملي في كلِّ حالِ
وصبري للذي لا بُدَّ مِنهُ ... إذا كاعَ الصبورُ من الرجال
وإني ذو الغنى بقنوعِ نفسٍ ... تعاف الضيمَ في ذُلِّ السؤالِ
٥٤ - قال صاحب الكتاب: ويقال يختبر ذو البأس عند اللقاء وذو الأمانة عند الأخذ والإعطاء والإخوان عند النوائب والأهل والولد عند الفاقة
" ٦٧ " قال أعشى بني جعدة لعبادة الخفاجي:
بَلَوْنَكَ والمذكور أنت فلم نجد ... لبأسك لما أن بَلَوناكَ مِصدَقا
" ٦٨ " وقال عروة العبسي يعتب على بعض بني زياد: وكنتُ أخي والدهرُ مُرخٍ سُدولهُ عليَّ فلما نابني بالمغائظ
تبرأت مني واستترت بعلة ... وما هكذا أهل الوفا والحفَائِظِ
" ٦٩ " وقال حوط بن الأثعل الطائي:
وكنتَ أمينًا عندنا حين لم تكن ... تعاملُ بالإعطاء والأخذ يا عمرو
فكشف منك الأخذ أخوَنَ خائنٍ ... وأغدر من أمسى يُقال به غَدْرُ
" ٧٠ " وقال أوس اليشكري في بنيه، ويذم بني أخيه طفيل:
بلوتكم لدى عُسري ويُسري ... مبنًّا كُنتُ أو غير المُبِنِّ
فكنتم حيث آمل أن تكونوا ... مُساعدة على الزمنِ المُعَنِّي
ولاقى عند فاقته طُفيلًا ... بنوه بالتكذُّب والتظنِّي
٥٥ - قال صاحب الكتاب: ويقال قلما ظفر أحد ببغي وقلما حرص على النساء فلم يفتضح وقلما أكثر الطعام فلم يتخم وقلما ابتلي بوزراء السوء فلم يهلك
" ٧١ " قال عمرو بن مالك الفزاري في البغي في حرب داحس:
بغينا فلم نظفر وكنا عصابةً ... لنا قوةٌ من ثروةٍ ورجال
1 / 6
" ٧٢ " وقال ركَّاض الدُّبيري في الحرص على النساء:
الحُبُّ حرصٌ بالفتى جامحُ ... وهو لمن لز بِهِ فاضح
" ٧٣ " وقال النابغة في وزراء السوء في النعمان عندما فعل به كسرى ما فعل:
أحاط بهِ من لا يشيرُ بصالحٍ ... فأردوهُ مُغترًا بغير سلاح
" ٧٤ " وقال عباد المُرادي في هزان الطائي وكان أكولًا:
نهامتُهُ أودتْ بهٍ غير مِريةٍ ... وفي النهمِ المذموم سُمُّ ذُعافِ
٥٦ - وقال صاحب الكتاب: ويقال إذا طلب اثنان حظًا ظفر به أفضلهما مروءة فان استويا في المروءة فأكثرهما أعوانًا فان استويا في الأعوان فاسعدهما جدًّا.
" ٥٧ " قال كنانة القُرشيُّ:
طلبتُ وعمرو خُطَّةً فأصابها ... لأنَّ له فضلَ المروءة والقدرِ
وأن له الأعوانَ فازداد قوةً ... وجدا سعيدًا لا يقصرُ عن يسرِ
٥٧ - قال صاحب الكتاب: ويقال إذا لم يستطع الرجل نيل عظيم الا باحتمال صغير كان حقيقًا باحتماله
" ٧٦ " قال سعد بن غزوان ليزيد بن خالد القسري وكان أبوه المقتول مع خالد وكان ليزيد غلام رومي من أخس غلمانه وأقلهم عنده يقال له عارم:
إذا كُنتُ لا أحظى لديكَ بزلفة ... ولا قُربة إلا بخدمة عارم
فعارمُ مَولاكَ الذي أنا عبدُهُ ... مدى الدَّهرِ ما لاحت نُجُومُ النعاثِم
٥٨ - قال صاحب الكتاب: ويقال ذو العقل يقل الكلام ويبالغ في الفعل ويعترف بالزلة ويتأتى في الأمور قبل الإقدام عليها ويستقيل هفوة غفلته بعقله كالذي يعثر بالأرض وعليها ينهض ويستمر
" ٧٧ " قال أعرابي من ثقيف قدم على يوسف بن عمر فتجرم عليه يوسف:
وأقررتُ بالذنبِ الذي قد نحلتُهُ ... وراجعت بالفعل الذي هُو أصوبُ
وأقللتُ لا إني غبيٌّ ومُفحمٌ ... وبالغتُ فعلًا كُلُّ ذلك أعتبُ
" ٧٨ " وقال جُنْدُبُ بن زُهير يوم قتل قيسُ بن زُهَير المربعي:
هفا هفوةً ثم استقلَّ بعقلهِ ... وذو العقل لا تخفى عَليهِ المخارجُ
٥٩ - قال صاحب الكتاب: ويقال لا يبلغ البلاء من ذي الرأي مجهود عقله ولا الرجاء مبلغًا يبطره ويسكره ويعمي عليه أمره
" ٧٩ " وقال جُوين الطائي ليزيد بن المُهلب لما ولاه سُليمان ما كان يليه الحجاج:
رأيتُكَ لم تَبطر لنُعمى أفدتها ... وذو الرأي محفوفٌ بما هو زائنُ
ولا بالغًا إن حل خطبٌ بمعضلٍ ... مبالغ ما يُعييكَ حين تُباين
" ٨٠ " وقال مالكُ بن فراس التميمي لعبد الرحمن بن الأشعث:
وأسكرتَ بالنُّعمى فأصبحت أكمهًا ... عن الأمر تأتيه ولست بأكمهِ
٦٠ - قال صاحب الكتاب: ويقال ليس أحد أبعد من الخير من اثنين منزلتهما واحدة وصفتهما مختلفة من لا يثق بأحد والآخر من لا يثق به أحد.
" ٨١ " قال أعرابي:
فليسَ بموثوقٍ به في ململةٍ ... ولا واثقٍ من صاحبٍ بوفاءِ
٦١ - قال صاحب الكتاب: ويقال الكريم لا يكون إلا شكورًا غير حقود تنسيه الخلة من الإحسان الكثير من الإساءة
" ٨٢ " قال شيظمُ النُميْريّ يشكُر الحجاج:
وجدتك توليني وتشكر مُفضلًا ... لأنك أولى بالتكرُّمِ والفضلِ
وتنسى إساءاتي بخدمة ساعةٍ ... فهل لك يا ابن الصيد في الناس من مِثْلِ
فلو كُنت ذا حقدٍ لطارت بمهجتي ... عُقابُ الردى في الجوِّ عن أخمصِ الرِّجل
٦٢ - قال صاحب الكتاب: ويقال اعجل العقوبات عقوبة الغدر واليمين الكاذبة ومن إذا تضرع إليه وسئل العفو لم يفعل
" ٨٣ " قال مزرد بن ضرار في الحارث بن ظالم حين سأل اخته ان تريه ابن النعمان وحلف لها ألا يغدر به:
يمينٌ غموسٌ ثم غدرٌ بذمةٍ ... فكيف رأى فعل العزيز المُعاقب
ألم يلف حيرانًا يحاول مهربًا ... وأني ومن يقفوه أكبر طالبِ
" ٨٤ " وقال بعض الفزاريين في حذيفة بن بدرٍ حين سأله أن يصفح لقيس بن زُهير عن السبق فأبى ذلك عليهم فقتله قيس يوم الهباءَة:
سألتُكَ أن تغفو وجئتُكَ ضارعًا ... فَلَم يُغنِ تسالي وطول التَّضرُّعِ
فكيف رأيت الله كيف أداله ... بِرُغمك حتى إضتَ في شرِّ مصرَعِ
1 / 7
٦٣ - قال صاحب الكتاب: ويقال الغادر مأخوذ بغدره وإن قصرت عنه عقوبة العاجل لم تقصر عنه عقوبة الآجل حتى إن العقوبة قد تدرك الأعقاب وأعقاب الأعقاب
" ٨٥ " قال أبن درماء العبدي بن غطفان وكان حصن ومحصن وافيًا سيابة بن سيابة متخلفًا عن ركب كان فيهم فقتلاه وأخذا منه ما كان معه فأثريا به وأورثاه عقبهما حصن بن عامر بن محصن وكان ذا ندام وإخوان فقعد به الدهر حتى ضرب به المثل:
أتعجبُ مِما قد رماك به الدهر ... وأنك بعد اليُسر عادَ بِكَ العُسرُ
ألم تُنبَ عن جدَّيك والغدر منهما ... بسيابة في حين خلَّفهُ السَّفرُ
فنالا به حظًا وأدركت بالذي ... أصاباه من غدرٍ ألا قُبحَ الغدرُ
٦٤ - قال صاحب الكتاب: ويقال من كان ذا عقل كان على إماتة حقده أحرص منه على تربيته
" ٨٦ " قال الزر بن نصر الأزدي:
لعمرُكَ ما الزاكي المُثمِّر حِقدهُ ... ولكن مميت الحقد أزكى وأربحُ
٦٥ - قال صاحب الكتاب: ويقال الأقدار وإن كانت مقدورة فليست تمنع الحازم من توقي المخوف والاحتراس مما يحترس منه ولكنه يجتمع تصديقًا بالمقدور وأخذًا من قبل ذلك بالحزم.
" ٨٧ " قال نهشل بن خويلد العبدي:
ولم أجعل المقدور للعجزِ علَّةً ... ولا أنني كذبت جبر المقادير
ولكن بحذر حازمٍ كنتُ حارسًا ... خليل الذي يخشى اغتيال المغادر
فلا تُعط للمقدور بالكف ضلَّةً ... وكن حذرًا فالحذرُ فوزُ المُحاذِرِ
٦٦ - قال صاحب الكتاب: ويقال الفاقة بلاء والسقم بلاء والغربة بلاء ورأس البلاء الهرم
" ٨٨ " قال بعض المعمرين:
لا تعذُلاني فمثلي اليوم لم يُلمِ ... بُليتُ مُغتربًا بالسُّقمِ والعَدَمِ
هذا البلاءُ وأبلى منه نائبةٌ ... رَمَت صفاتي على الأيام بالهرمِ
٦٧ - قال صاحب الكتاب: ويقال ليس أحد أعلم بما في نفس المُوجع الحران ممن ذاق مثل ما به
" ٨٩ " قال المُؤمِّل بن أميل المُحاربي:
وصفْتُ الذي بي للطبيب من الهوى ... فما كان من جهلٍ بما قُلتُ يفهمُ
وما وصف الأوجاع قبلي مُتيمٌ ... فيعرف ذاك الوصف إلا مُتيمُ
كما أن هذا موجعُ القلبِ مُغرمٌ ... كذلك هذا مُوجعُ القلبِ مُغْرَمُ
٦٨ - قال صاحب الكتاب: ويقال لا خير فيمن لا يستطيع كتمان ما في نفسه وإماتته حتى لا يذكر منه شيئًا بل لا يكون له في نفسه موقع
" ٩٠ " قال حاتم الطائي:
سأطوي حديثَ النفسِ حتى أُميتَهُ ... وأستُره لو أستطيعُ عن القلبِ
٦٩ - قال صاحب الكتاب: ويقال العاقل لا يخيف أحدًا ما استطاع ولا يقيم على خوف وهو يجد مذهبا
" ٩١ " قال أعشى بني قيس بن ثعلبة:
تُقيمُ على خوفٍ وإنك قادرٌ ... على هربٍ منهُ لأنك جاهلُ
وتأمن يومًا فالوريدُ وغيرهُ ... يخافان منك الغدر فيما تُحاولُ
ألا ثكلتك الأمُّ بل هي إذ ثوت ... تراك سليمًا يا ابن عفان ثاكلُ
٧٠ - قال صاحب الكتاب: ويقال خلال من لزمهن بلغنه ما يريد وقربن له البعيد وآنسنه في الوحشة وعرفنه في الغربة وليَّنَّ له المعيشة وأكثرن له الإخوان: كف الأذى وحسن السيرة وسعة الخلق وحسن الأدب والاقتصاد في العمل ومجانبة الريب
" ٩٢ " قال مرداد بن عائل الإيادي أحد المعمرين:
إذا أنت عاشرت الملا يا ابن سلهب ... معاشرة الأبرار لم تَعْدَمِ الفضْلا
ونِلت الذي حاولت من كلِّ خطَّةٍ ... ولين معاشٍ لا تخافُ لهُ هُزلا
وقرِّبت عن بعدٍ وأونست مُوحشًا ... وزادك في الأخيار تغنى به نُبلا
وذاك تُقى الرحمن فالبس ثيابها ... وكُن لذوي الحاجات في حاجهم سهلا
وكُفَّ الأذى عن ذي الجوار وغيره ... وقصدك في الأعمالِ واجتنبِ البُخلا
ولا تصحبنْ ذا ريبةٍ في محجةٍ وجانب أخا الفحشاء واستصحب العدلا
٧١ - قال صاحب الكتاب: ويقال شر الأمور التي لا تتفق وشر الأزواج التي لا تواني وشر الولد العاصي وشر الإخوان الخاذل وشر الملوك الذي يخافه البريء وشر البلاد بلد لا أمن فيه
1 / 8
" ٩٣ " قال الشماخ بن ضرار الذبياني في الأمور التي لا تتفق:
ألا إنما الدَّاءُ العياءُ مَرامُنا ... أمورًا تُواني غيرنا وهو أخرق
وتزداد شرًا أنْ نروم صغيرها ... فكيفَ عظيمُ الأمر منها يُفقُ
" ٩٤ " وقال آخر في الولد العاصي:
وجدتُك شرَّ أولادي وأعصى ... وأبعدهم من الحَسَنِ الجميلِ
" ٩٥ " وقال آخر في المرأة التي لا تواتي:
عجوزًا لا تواتيني إباءً ... وأنى بالخلاص من العجوز
وأصل المُهر جاريةٌ وعبدٌ ... وألفٌ من سوائمنا الجُزُوزِ
وما أصبحتُ أملك صوفَ شاةٍ ... فيا شرًا يطولُ به ركوزي
" ٩٦ " وقال ابن شكل في عمرو بن هند في مثل الملك الذي يخافه البريء: يخافُك ذو البراءة حين يُمسي ويُضحي مِنك ذا وجلٍ شديدِ " ٩٧ " وقال في مثل الأخ الخاذل سلامة بن جَندل التميمي:
وشرُّ الأخلاءِ الخذولُ وخيرهم ... نَصيرك في الدهياء حين تنوبُ
" ٩٨ " وقال في البلاد التي لا امن فيها: رأيتُك ذا شرٍّ وفي الشرِّ مُنقعًا إذا كُنت في أرضٍ بها الشرُّ شاملُ
٧٢ - قال صاحب الكتاب: ويقال ربما اتعظ الجاهل واعتبر بما يصيبه من المكروه من مثله فيرتدع أن يصيب أحدًا بمثل ذلك
" ٩٩ " قال العرزمي:
يدفعُ الشرَّ بشرٍّ مِثلهِ ... وأخو الجهل بجهلٍ يعتبر
٧٣ - قال صاحب الكتاب: ويقال اصبر من غيرك على ما مثل ما صبر عليه غيرك منك، فانه يقال كما تدين تدان
" ١٠٠ " قال أعشى همدان:
صَبرتُ عليك لما اقتستُ أمري ... بحسنِ الصبر حين جهلتَ أمري
" ١٠١ " وقال الأعور الشنِّي:
لقد قيل في الأمثال إصبر لحرها ... بما دِنْتَ، فاعلَمْ، حيْثُ كُنت تُدانُ
٧٤ - قال صاحب الكتاب: ويقال من عمل بغير العدل والحق، انتُقم منه وأُديل عليه
" ١٠٢ " قال ضمرةُ بن ضمرة بن قَطن بن نهشل في النعمان بن المنذر عندما فعل به كسرى ما فعل: تَعدَّى ولم يعمل من الحقِّ بالذي به أمر الحُكامُ جهلًا وأفسدا
فدالت عليه بانتقام وخزيةٍ ... دوائل أيامٍ فَغُودِرَ مقصدا
وأصبح مرجومًا وبالأمسِ قبْلَهُ ... يُشيرُ إليه الناظرون مُحسدا
٧٥ - قال صاحب الكتاب: ويقال صحبة الأخيار تورث الخير وصجبة الاشرار تورث الشر ومثل ذلك مثل الريح التي إذا مرت بالنتن حملت نتنًا ولإذا مرت بالطيب حملت طيبًا
" ١٠٣ " قال برد بن أسيد لما ولى سليمان بن عبد الملك يزيد بن المهلب العراق فأحسن السيرة العامة:
لئن أورثَ الخيرات من هو أهلها ... لقد أورث الأشرار صاحبهم شرَّا
" ١٠٤ " وقال في مثل الريح وما تحمل من الرائحة رجل من بني عبد القيس وأتى قَطَريًا برسالة المهلب فتجهمه وأراد قتله:
فهبني الريح أدت ما أقلت ... أنتنا كان أو طيبًا ذكيا
٧٦ - قال صاحب الكتاب: ويقال أشياء لا ثبات لها ولا بقاء: خلة الأشرار وظل الغمام ومودة النساء والثناء الكاذب والتخلق
" ١٠٥ " قال غيلان بن سلمة الثقفي في التخلُّق: عَليك بالقَصد فيما أنت قائلُهُ إن التَّخلُّقَ يأتي دونه الخُلُقُ " ١٠٦ " وقال آخر في مواصلة الأشرار: مُواصلة الأشرار تعفو كما عفا ظلالُ غَمامٍ حركتهُ حَنُوبُ " ١٠٧ " وقال اسعد بن راشد في مودَّة النساء:
متى دامَ وُدُّ الغانيات لصاحبٍ ... فتطمعَ في الذَّلفاءِ أن تحفظَ العهدا
" ١٠٨ " وقال في آخر في الثناء الكاذب:
متى يبقى المين جهلًا ... بظنك أن يكون له البقاء
٧٧ - قال صاحب الكتاب: ويقال تذكر الأحزان كالجرح المندمل تصيبه الضربة فيجتمع على صاحبه ألمان: ألم الضربة وألم انتقاض الجرح
" ١٠٩ " قال أبو كبير وقيل إنه لهشام أخي ذي الرمة:
فلم تُنسي أوفى المُصيباتُ بعدهِ ... ولكن نكءَ القرحِ بالقرحِ أوجعُ
" ١١٠ " وقال حذافة الجنابي من كلب وكان غازيًا بخراسان مع قتيبة ابن مسلم وقدم عليه من أهله رجل بالشام وقد أصيب قبل ذلك بابنه فنعى إلى حذافة كبارًا من أهله:
وذكَّرني أحزان ما قد سلوته ... مُصاب قريبٍ ذي هوىً وحميمِ
فَهَاضَ فُؤادًا قد تَماثلَ كلمهُ ... بفجعينِ من مُستحدثٍ وقديمِ
1 / 9
فأضعفَ أحزاني وأسبل غيرتي ... وآب حميدًا وهو غيرُ ذميمِ
٧٨ - قال صاحب الكتاب: ويقال من تكلَّف من الأعمال ما ليس من عمله أوشك أن يضيع عمله
" ١١١ " قال الأخطل في عرادة رواية جرير:
تكلَّفَ حَوْكَ الشَّعر إذ كان حافظًا ... فضيع ما يروي ولم يحكم الشعرا
٧٩ - قال صاحب الكتاب: ويقال الحر الكريم تنسيه الخلة الواحدة من الإحسان ألف خلة من الإساءة
" ١١٢ " قال بشر بن أبي خازم لأوس بن حارثة:
صَفَحت ليومٍ واحدٍ فيكَ قُمتُهُ ... عن الدَّهر منِّي كان دينًا تجرما
فكنتَ وأهلًا للجميل ولم تزل ... من الحاقد المُقتصِّ أوفى وأكرما
٨٠ - قال صاحب الكتاب: ويقال اللئيم يكفر ألف حسنة بسيئة واحدة تؤتى إليه
" ١١٣ " قال حماد عجرد في بشار بن برد لما هجا عقبة بن سلم:
كفرت كثيرًا لليسير مُنعتَهُ ... ومثلُكَ لؤمًا للصنائعِ كافرُ
٨١ - قال صاحب الكتاب: ويقال صاحب الدنيا يطلب ثلاثة أمور لن يدركها إلا بأربعة أشياء أما الثلاثة فالسعة في المعيشة والمنزلة في التاس والزاد للآخرة. وأما الأربعة فاكتساب المال من أحسن وجوهه وحسن القيام على ما اكتسب منه التثمير له ثم انفاقه في ما يصلح المعيشة ويرضي ذوي الحق ويعود في الآخرة في نفعه. لأن من لم يكتسب لم يكن له مال ومن كان ذا مال واكتساب فلم يحسن القيام على ما اكتسب أوشك أن يفني وإن هو أنفق وقتّر لم تمنعه قلة الانفاق من سرعة النفاد، كالكحل الذي لا يؤخذ منه إلا مثل الغبار، ثم هو مع ذلك سريع النفاد. وإن هو أكتسب وثمر وأصلح وأمسك عن الانفاق كان ممن يعد فقيرًا.
" ١١٤ " قال امية بن أبي الصلت في مثل الثلاثة الاشياء التي يطلب بها الأربعة من الأمور:
خصال إذا لم يحوها المرء لم ينل ... منالا من الدنيا ينال به حمدا
يكون له عز وجاه وثروة ... وحسن فعال حيث أحضر أو أبدى
وتقوى فإن الفوز يدرك بالتقي ... ويورث في الدارين صاحبه مجدا
" ١١٥ " وقال أمية أيضًا في مثل الأربعة من الأمور التي بها تدرك الأشياء الثلاثة:
إذا اكتسبت المال الفتى من وجوهه ... وأحسن تدبيرًا له حين يجمع
وميّز في انفاقه بين مصلح ... معيشته فيما يضر وينفع
وأرضى بها أهل الحقوق زلم يضع ... به الذخر زادًا للتي هي أنفع
فذاك الفتى لا جامع الوفر ذاخرا ... لأولاد سوء حيث حلّوا وأوضعوا
" ١١٦ " وقال سابق البربري في الانفاق والامساك:
إذا كنت ذا مال بأحسن مكسب ... ولم تحكم التدبير في حين تنفق
فيوشك أن يفنى وترجع كاسبا ... لأمثاله والمسرف المتخرق.
وإن كنت قترت الذي قد جمعته ... وأصلحت في انفاقه حين تطرق
عددت فقيرًا واكتسبت مذمة ... ونالك بالشتم القريب المصدق
فكن جامعًا للخير تحظ وللذي ... هو الكنز لا كنز التي هي توبق
" ١١٧ " وما أحسن ما قال المتلمس الضبعي وهو يقارب بعض المعنى وزاد فيه بتسميته التبذير فسادًا:
وأعلم علم حق غير ظن ... وتقوى الله من خير العتاد
لحفظ المال أيسر من بغاه ... وضرب في البلاد بغير زاد
وإصلاح القليل يزيد فيه ... ولا يبقى الكثير مع الفساد
1 / 10
ولولا ما قدمنا من شرطنا أن لا نضاهي أمثال هذا الكتاب إلا بالشعر تنزيها لكتاب الله ﷿، لكان ذكر ما أدبنا الله تعالى ذكره به في كتابه، أجمع معنى وأخصر لفظًا وأوجز قولًا وأحضر فائدة وهو قوله تعالى: " " والذين إذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما " " " الفرقان
٦٧ ". وقوله تعالى: " " ولاتجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا " " " الاسراء
٢٩ ". وكان ذكر أمثال هذا مما يجري في فصول الكتاب مما ينتفع به كثير من الناس. ولكنا صنا كتاب الله العزيز عن ذلك. وقد ذكرنا كثيرًا من هذا الباب مما يجري مجرى المثل ويستعان به في الرسائل والكتب والمخاطبات والخطب وغير ذلك في كتابنا المسمى " " التنبيه على بلاغات القرآن " ". واكتفينا بذلك عن ذكره في هذا المكان ونعود إلى ذكر قول صاحب الكتاب:
٨٢ - قال صاحب الكتاب: ويقال العاقل لايرحم من يخاف والحازم ربما أبعد الرجل الذي ثم أدناه لما يعلم عنده من الغناء والإجزاء فعل المتكاره على الدواء البشع الكريه رجاء منفعته وربما أحب الرجل الرجل وعزّ عليه ثم يقصيه وينحيه ويهلكه مخافة ضرره؛ فعل الذي تلدغه الحية في بعض أطرافه فيقطع ذلك الطرف مخافة انسراب السم في جسده.
" ١١٨ " قال أبن هبيرة الفزاري لعوف بن علقمة الفزاري وكان في صحبته فرأى منه جفوة فأحدث احداثًا مما أراد بها غيظ عمر بن هبيرة فأتى به فأمر بتكبيله فجعل يذكره بالرحم.
أخفت السبيل ثم تطلب رأفتي ... متى خلتني يا ثكل أمك معزبا
وعرضك البغضاء بعد محية ... فأقتصيت عن عمد وكنت المقربا
فدونك ذق حرّ الذي قد جنيته ... فإنك ذو بعد وإن كنت أقربا
فإني لك المجتاح كفًا بمثلها ... مخافة ذاك السوء أن يتشعبا
" ١١٩ " وقال غيره في هذا المعنى أيضًا:
ألمْ تَرِ أنَّ المرء تدوى يمينهُ ... فيقطعُها عمدًا ليسلمَ سائرهُ
فماذا تراه صانعًا بعد كفهِ ... بما ليس منهُ حين تُبلى سرائره
٨٣ - قال صاحب الكتاب: يقال لا ينبغي للعاقل أن يغفل عن علم ما في نفس أهله وولده وإخوانه وأصدقائه في كل لحظة وحركة وكلمة وفي القيام والقعود وفي كل حالة، فإن هذه كلها شواهد لا يخفى معها ما تجنّ له القلوب
" ١٢٠ " قال زهير بن أبي سلمى:
فلا تُكير على ذي الضغنِ عتبًا ... ولا ذكر التجرُّمِ للذنوبِ
ولا تسأله عما سوف يبدو ... ولا عن غيبهِ لك في المغيب
متى تكُ في عدو أو صديق ... تخبرك العُيون عن القُلوبِ
" ١٢١ " ومثل هذا البيت البيت المشهور:
والعين تعرف في عينيْ مُحدثها ... إن كان من حزبها أو من أعاديها
٨٤ - قال صاحب الكتاب: ويقال لا يمنعنّ ذا العقل عداوة عدوه من مقاربته وإيناسه إذا طمع منه في دفع مخوف أو في جر مرغوب
" ١٢٢ " قال عبيد الله بن الحر في يعمر بن خالد الحارثي:
وآنستُهُ والغمرُ في لحظاته ... مُبينٌ وما عندي لهُ مِنه أكثر
لأجترَّ نفعًا أو أُحاول مدفعًا ... لخوفٍ مُلمٍّ منه بالغمرِ يظهرُ
فأدركت ما دبرتُ منه ولم يكن ... ليختلني في مثلها الدَّهرَ يعمرُ
٨٥ - قال صاحب الكتاب: ويقال كثير من المودة ربما تحولت بغضاء وكثير من البغضاء ربما تحول مودة عن حوادث العلل والامور، وذو الرأي يحدث لما يحدث من ذلك رأيًا فمنه ترك الطمع في ما عند العدو واليأس مما عند الصديق.
" ١٢٣ " قال أمية بن أبي الصلت الثقفي "
أفرطت في الحُب حتَّى عاد مبغضة ... وربما عاد حُبًا بُغضك الرجُلا
والجزل يحدث للأشياء مُحدثها ... من ذلك الدهرُ إن ريثًا وإن عجلا
تركا لمطمع ما عند العدوِّ إلى ... يأس بما عند ذي ود وإن بذلا
٨٦ - قال صاحب الكتاب: ويقال ليس كل من أسأت إليه ينبغي ان تتخوف غشه وعدوانه وتيأس من نصيحته ومودته، ولكن ينبغي ان تنزل الناس في ذلك منازلهم على اختلاف طبقاتهم فإن منهم من إذا ظفرت بقطيعته فالرأي ان تغتنم ذلك وتمتنع من معاودته ومنهم من لا ينبغي تركه على حال من الأحوال
1 / 11
" ١٢٤ " قال في مثله ابنُ غُدانة وكان زائرًا لعُقبة بن سلم الهنائي وهو عامل على البحرين فاستخف ببعض شأنه وحجبه كالمعاتب ثن أذن له بعد ذلك وأدناه على أنه كالمستوحش مما فعل به:
أسأتَ إليَّ جُهدَكَ يا ابن سلم ... فلم اقطعك للود القديم
ولا يؤيسك مني أن رمتني ... إساءاتٌ لفعلك بالعظيم
ونزلني وغيري لاختلاف ... من الحالات منزلة العليم
بحيث أكون إن وصلا فوصلٌ ... وإن قطعا فغير فتى مُليم
وما مثلي ولستُ إذا كغيري ... حقيقٌ للقطيعة بالرجوم
فلا تقطع على حال صفيًا ... عجلت عليه بالفعل الذميم
وغيري أوله قطعًا مُبتا ... من اللؤماء بالبطشِ الأليمِ
ولا ترجع إليه فإن جهلًا ... تذمُ به مُعاودة اللئيم
٨٧ - قال صاحب الكتاب: ويقال خصال العاقل حقيق بالنظر فيهن والاحتيال لهن منهن: النظر فيما مضى من الضر الذي أصابه سالفًا لئلا يعود إليه، والتماس ما مضى من النافع فيحتال لمعاودته والنظر فيما هو مقيم فيه من المنافع والمضار والاستكثار مما ينفع ويحسن موقعه والهرب مما يضر والنظر في مايتوقع منه ضررًا أو نفعًا واستقبال ذلك بحسن التأتي.
" ١٢٥ " قال ابن أصرم:
تعقب ما قد فات منك مع الذي ... أصابكَ بالضراء في سالف العُمر
وإياك أن ترجع إليه وطالبًا منافع ما قد كُنت تعرفُ في الدهرِ
فعاودهُ حيث اسطعت ذاك ولا تضع ... تعاهد ما خيمت فيه من الأمر
من النفع والضراء تخشى نزولها ... بكل حِذارٍ فالسلامة في الحذر
وكن هاربًا مما تخوف ضُره ... وذا نظر في النفع تبكرُ أو تسري
تأن لكُل بالعزيمة واَستعن ... بصبرٍ فإن الفوز يبلغ بالصبرِ
٨١ - قال صاحب الكتاب: ويقال الزم ذا العقل واسترسل إليه وإياك وفراقه ولا عليك أن تصحب العاقل وإن كان غير محمود الكرم ولكن احترس من سيئ أخلاقه وانتفع بعقله. ولا تدع المواصلة للكريم فإن لم تحمد عقله فإنك تنتفع بكرمه وتنفعه بعقلك. وفر الفرار كله من الأحمق اللئيم.
" ١٢٦ " قال العرزمي:
آخي الفتى ذا العقل والكرم الذي ... تُزاد به في حيث تذكره نبلا
وإن كان ذا عقل ذميم خلائق ... فجانبه للأخلاق لا رأيه الجزلا
" ١٢٧ " وقال في مثل العديم العقل علي بن الخليل: إذا كنت ذا عقلٍ وآخيت سيدًا كريمًا عيّيًا ليس يُحمَ عقلُهُ
فدار الفتى عند التفاوض بالتي ... تُزينهُ ما قال أو جَدَّ فِعلهُ
ونل منهُ نفعًا حين يُوليك نفعهُ ... وحُطهُ بتسديدٍ إذا عنَّ جهلُهُ
وجانب أخا النوك اللئيم مُفارقًا ... فكل يُصافيه من الناس مِثله
٨٩ - قال صاحب الكتاب: ويقال افضل البر الرحمة وأفضل المودة الاسترسال وأفضل العقل ما يكون مما لا يكون وأفضل السرور طيب النفس وأفضل القنوع حسن الانصراف عما لا سبيل إليه
" ١٢٨ " قال أمية بن أبي الصلن:
وأفضل برٍّ انت راجٍ ثوابه ... مبرة ذي قربى برأفة آيب
وخير سُرورٍ طيب نفسٍ وإن ثَوت ... قليلة وفرٍ في نُفوسٍ جنائبِ
كفى فضل عقل المرء معرفةُ الذي ... يكونُ وما لا يستتبُّ لراغبِ
وفضلُ قنوعِ المرءِ حُسنُ انصرافه ... عنِ الشيء لا سُبلٌ إليه لطالبِ
٩٠ - قال صاحب الكتاب: لا ينبغي للملتمس العاقل ان يلتمس من الدنيا فوق الكفاف الذي يدفع به الأذى والحاجة عن نفسه وذلك يسير انما هو المطعم والمشرب إذا أعين بسعة بلد وسخاء نفس
" ١٢٩ " قال أرطاة بن سهية المُري:
أطلُب كفافًا فما في الأرض من أحدٍ ... نال الكفاف على تقوى وإرشاد
من ملبس وشرابٍ بعد مطعمه ... في حيثُ خيم في غور وإنجاد
إلا حوى الفوز في الدنياوآجلها ... إذا أُعين بنفسٍ شُحُّها رادي
لا تتعبن فإن الرزق عن قدر ... يأتيك طالبُهُ عن غيرِ ميعاد
" ١٣٠ " ويتعلق هذا المعنى بقول امرئ القيس بن حجر:
1 / 12
ألا إلا تكن إبلٌ فمعزى ... كأنَّ قرون جلتها عيُّ
فتملأُ بيتنا أقطًا وسمنا ... وحسبُك من غنىً شبعٌ وريُّ
" ١٣١ " فهذا في باب القناعة، وقول الحطيئة:
دَعِ المكارمَ لا ترحل لبُغيتها ... واقعد فإنك انتَ الطاعمُ الكاسي
يجري في باب صغر الهمة وليس من قول امرئ القيس لأن ذلك لم تقعد به همته عن الطلب.
٩١ - قال صاحب الكتاب: ويقال لو ان رجلًا وهبت له الدنيا وما فيها لم ينتفع إلا بالذي يدفع الحاجة عن نفسه فأما ما سوى ذلك ففي مواضع لا ينالها.
" ١٣٢ " قال خشرم العاملي:
وهَبكَ ملكتَ الشرقَ والغربَ قادرًا ... ألم يكُ ما يُجدي عليك قليلُ
فهذاك ما تُحيِي به المُهجة التي ... بأيسره تغنى وذاك يزولُ
مضى قدرٌ بالرزقِ قبلكَ سالفٌ ... فليس مع الأقدار فيه حويلُ
٩٢ - قال صاحب الكتاب: ويقال الرجل ذو المروءة قد يكرم على غيرغنى كالأسد الذي يُهاب وإن كان رابضًا والغني الذي لا مروءة لهُ يُهان وإن كثر ماله كالكلب الذي يهون على الناس وإن طُوق وخُلخل.
" ١٣٣ " قال مطيع بن اياس:؟ ان المروءة لبسٌ لا يُشانُ به في غابر لابسٌ أو سالفٍ خالي
وذو المروءة أبهى حين تلحظهُ ... وإن تراءى على عُسرٍ وإقلالِ
من تائهٍ عطلٍ منها وإن ملكت ... كفاه ملكًا وإن أمسى أخا مالٍ
كالقرد هان فأمسى وهو مهزأةٌ ... يختال في المشيِ في طوقٍ وخلخالِ
٩٣ - قال صاحب الكتاب: ويقال المال زيادة في القوة والرأي وليس الإخوان والأهل والأعوان إلا مع المال ولا تظهر المروءة إلا بالمال لأن من لا مال له إذا أراد ان يتناول أمرًا قعد به العدم عما أراد، فيبقى مقصرًا عنه كالماء الذي يبقى في بطون الأودية من المطر لا يكون له موادّ من نهر ولا بحر فتنشفه الأرض.
" ١٣٤ " قال أبو نُخَيلة السَّعديّ:
أرى المال عونًا مُبلغًا كُل غايةٍ ... وملبس عِز حيثُ خيمَ صاحبُهْ
يزيد القوي البطش في الناس قوة ... وذا البأس بأسًا حين تُبلى ضرائبُه
وما الأهل والإخوان إلا مع الغني ... وما الرأي والتدبير إلا مذاهبُه
وبالمال ما تبدو المروءة للفتى ... وتظهر حتى تستبين مناقبُه
وإن أخا العُدم المُطالب حاجةً ... يزلُّ به الإقدار عما يُطالبه
٩٤ - قال صاحب الكتاب: ويقال من لا مال له لا إخوان له ومن لا إخوان له لا أهل له ومن لا أهل له لا ولد ومن لا ولد له لا ذكر له ومن لا ذكر له لا عقل له ومن لا عقل له لا دنيا له ولا آخرة له، لأن الرجل إذا أصابه الضُرُّ قطعه إخوانه وشنأه أهله ورفضه ذوو رحمه وفقد عقله وخمل ذكره واضطرته المعيشة والتماس الرزق إلى التغرير بنفسه ودينه، فتهلك نفسه ويخسر آخرته ودنياه فهل شيء أخس من الحاجة.
" ١٣٥ " قال عرام بن مُنقذ السكوني وكان أصيب بسبب ابن الأشعث:
مَنْ عَدِمَ الوفر في حياته ... عدم الأهل وإخوانه مع الولد
وافتقد العقلَ من تفكره ... ولم يكن في الأمور من أحد
يخسرُ داريه عند فاقته ... في حين يختلُّ خلة الأبد
فكل بلوى يُبلى بها أحدٌ ... من اغتراب في الضيق والنكدِ
والأسرِ والقتلِ والجلاءِ وسوْ ... مِ الخسف في قُربه وفي البُعُدِ
أحسنُ بالمرءِ حين يُبلى من ال ... فاقةِ بعد الإثراء والعَدَدِ
٩٥ - قال صاحب الكتاب: ويقال الشجرة النابتة في السباخ المأكولة الثمر والورق أحسن حالًا من الفقير المحتاج
" ١٣٦ " قال العتابي:
لشجرٌ في سبخٍ نابتٌ ... يُجنى بأنياب وأضراسِ
أحسنُ حالًا من أخي فاقةٍ ... يُحاول النَّيل من الناس
٩٦ - قال صاحب الكتاب: ويقال الفقر داعية لصاحبه إلى مقت الناس وهو مسلبة للعقل والمروءة ومضلة للرأي ومذهبة للعلم والأدب ومجمعة للبلايا ومعدن للتهم
" ١٣٧ " قال عَرزمُ الغفاري:
الفُقرُ جُهدٌ ومشناةُ ومذهبةٌ ... للعقل والأدب المحمود والفهم
1 / 13
إن الفقير ظنينٌ كان فما ... ينفكُّ يرمى وإن لم يجنِ بالتُّهمِ
٩٧ - قال صاحب الكتاب: ويقال إذا افتقر الرجل اتهمه من كان له مؤتمنًا وأساء به الظن من كان يحسنه فيه فان أذنب غيره اتهم وكان لسوء الظن موضعًا
" ١٣٨ " قال عرزم الغِفاري أيضًا:
وكنتُ مُصدقًا في كلِّ أمرٍ ... أمينًا ما غضبتُ وما رضيتُ
أزكى حين أذكر في فريقٍ ... وأحمدُ إن بَعُدتُ وان دنوتُ
وذاك ليالي الإثراء متِّي ... على أني الضنينُ بما حويتُ
فلما اجتاح مالي ريبُ دهري ذُممت بحيثُ في بلدٍ ثويتُ
فصرت لسوء ظنَّةِ من رماني ... ومُتهمي الظنين بما رُميتُ
٩٨ - قال صاحب الكتاب: ويقال ليس في الغني من خلة تحمد إلا وهي في الفقير تذم فإن كان الفقير شجاعًا قيل أهوج، وأن كان جوادًا قيل متلاف، وان كان حليمًا قيل ضعيف، وان كان صموتًا قيل عيي، وان كان لسنًا قيل مهذار.
" ١٣٩ " قال ابن رعلاء الغساني: يُشانُ القليلُ الوفر في الناسِ بالذي يُزان به ذو المال وهو ذميمُ
فيُمدَحُ من قول وفعلٍ بكلِّ ما ... يُذمُّ به ذو الفقر وهو كريمُ
٩٩ - قال صاحب الكتاب: ويقال الفاقة تعدل الموت بل الموت خير من الفاقة التي تضطر صاحبها إلى المسألة ولا سيما أن تضطره إلى مسألى اللئام
" ١٤٠ " قال ابن رعلاء الغساني ايضًا:
ليس من مات فاستراح بميت ... انما الميتُ ميتُ الأحياءِ
إنما الميتُ من يعيش شقيًا ... كاسفًا بالهُ قليل الرَّجاءِ
من أناسٍ يمصصونَ شهادًا ... وأناسٍ حُلوقهُم في الماءِ
١٠٠ - قال صاحب الكتاب: ويقال لإدخال الكريم يده في فم التنين فيستخرج منه سمًا قانلًا يقتات به أحب عليه من مسألة اللئيم الأنوك
" ١٤١ " قال المساور بن هند بن قيس بن زُهير العبسي:
لأكلي من فريسة ليث غابٍ ... مُساوره عليها في مُقامِ
أحَبُّ عليَّ خطبًا حين أبلى ... وأهون من مُطالبة اللئام
١٠١ - قال صاحب الكتاب: ويقال من ابتلي بفرقه الإخوان والأحبة والغربة وابتلي بفاقة تضطره إلى المسألة فالحياة له موت وفي الموت له راحة
" ١٤٢ " قال معبد بن حُمران التميمي ومات بكابُل هاربًا من الحجاج وكان من كبار أصحاب ابن الأشعث:
وفارقتُ أحبابًا وإخوان لذةٍ ... وشطتْ بي الدارُ التي كنتُ أنزلُ
أخا فاقةٍ تضطرُّ أن أسأل الورى ... فأين مُقامي أو إلى أين أرحلُ
فعيشي موتٌ والمماتُ فراحةٌ ... لمثلي في الترحالِ أو حيثُ ينزلُ
١٠٢ - قال صاحب الكتاب: ويقال العداوة الباطنة الظاهرة الصداقة أشد ضررًا من العداوة الظاهرة
" ١٤٣ " قال عياض بن غنم التغلبي في عبد الملك بن مروان ينذره عداوة زُفر بن الحارث الكلابي:
يُكاشرُ بالصداقة وهو أعدى ... من الشيطان للرجُلِ التقيِّ
وذاك أضرُّ من مُبدٍ بغيظ ... عداوته من المخفي الوليِّ
وما أنت المعلمُ بل عليمٌ ... فدونك حزم ذي الرأي الأبي
١٠٣ - قال صاحب الكتاب: ويقال العاقل يفي لمن صالح بما جعل له ولا يثق لنفسه بمثل ذلك من عدوه الذي لا تؤمن غائلته في بعد ولا قرب ويحترس منه كيف كان وما استطاع
" ١٤٤ " قال جرير:
كُن ذا وفاءٍ لمرءٍ قد شددت له ... حبلًا بعقد ومن عاهدت من أحد
ولا تثق بالعدى في مثلها أبدًا ... في حيث خيمت في قربٍ وفي بُعُدِ
١٠٤ - قال صاحب الكتاب: ويقال العاقل إذا رجا نفع العدو اظهر له الصداقة، وإذا خاف ضرره أظهر له العداوة
" ١٤٥ " قال ذو الرمة:
ذو العقل يُظهرُ ودًا للعدو على ... نفع يُرجيه فعل الحازم الخَدعِ
وإن تخوف ضُرًا منه نابذه ... من العداوة بالمستفظع البشعِ
١٠٥ - قال صاحب الكتاب: ويقال ربما قطع الصديق صديقه الذي كان يصله فلا يخاف غائلته لأن أصل أمره لم يكن مبتدئًا عن عداوة
" ١٤٦ " قال الأخطل:
عتبت عليه فنابذته ... على غير حقدٍ له كامن
فلم يخش غائلتي غائبًا ... ولم أخشهُ ظنة الآمن
1 / 14
لأن تبايُننا لم يكن ... عداوة وغرٍ لنا باطن
١٠٦ - قال صاحب الكتاب: ويقال من كان أصل أمره عداوة ثم أحدث صداقة لحاجة حملته على ذلك، كان صاحبه جديرًا بالاحتراس منه لأنه إذا بلغ حاجته عاد إلى أصل أمره كالماء الذي يسخن بالنار فإذا أبعد عنها عاد إلى البرودة
" ١٤٧ " قال الشماخ:
فأظهر ودًا والعداوةُ سرُّهُ ... لحاجته كانت إليَّ فأسرفا
فكنت له بالاحتراس وغيره ... لدُن ظهرت منه المودةُ مضعفا
لعلمي به أنه سوف يرجعُ بالتي ... تكون علينا منه بالعود أخوفا
١٠٧ - قال صاحب الكتاب: ويقال لا تأمن عدوًا رجع إليك بنفسه ووده، وإن أوليته من البر واللطف والإكرام ما ظننت انك قد سللت به سخيمته ولو خلطته بنفسك فأن الماء لو أسخن فاطيل إسخانه لم يمنعه ذلك من اطفاء النار.
" ١٤٨ " قال أبو الأعور السُّلمي في خالد بن المُعمَّر الرَّبعي وكان من أشد من كان مع علي الهابا على أهل الشام لمعاوية، لما ورد خالد بن المعمر في وفد بكر بن وائل:
أتدنيه وكان عدوَّ سوءٍ ... لما أصبحت فيه بالمُصيبِ
إذا أوليتهُ بِرًا ولطفًا ... وإكرامًا على وغرٍ عجيب
ظننت وذاك عجزٌ ترتديه ... حياتك في شهودك والمغيب
بهذا إن سللت سخيم صدرٍ ... لقد أخطأت تدبير اللبيب
فإن الماء يُطفئ وهو آنٍ ... شديدُ الحرِّ ساميةَ اللَّهيبِ
١٠٨ - قال صاحب الكتاب: ويقال العدو الضعيف أقرب إلى السلامة من العدو القوي إذا احترس منه ولم يغتر به من القوي إذا اغتر بالعدو الضعيف واسترسل إليه
" ١٤٩ " قال في مثله زبان الفزاري في بيهس بن غُراب الفزازي حين اغتر به قاتل أخويه وهو غلام فاستعبده فلم يزل بيهس يلطف وذاك مغترٌ به حتى قتله وأهله:
لما اغتررت به أن قلت ذا ضعفٍ ... رماك بالكيد والدهياء من كثبِ
فأدرك الوتر مُسْتَغنٍ بوحدتهِ ... عن النَّصيرِ ولم يسأم من الطلبِ
مثلُ الضعيفِ إذا أذكى محارسهُ ... خوف القويِّ فلم يظفرهُ بالحربِ
١٠٩ - قال صاحب الكتاب: ويقال العاقل يصانع عدوه إذا اضطر إليه ويظهر له ودًا ويعجل الانصراف عنه إذا وجد إلى ذلك سبيلًا
" ١٥٠ " قال في مثله عمران بن حطان لما نزل بزفر بن الحارث وهو هارب من عبد الملك بن مروان فلم يزل عنده ينتمي إلى غير قومه متحيرًا فلما وضحت سبيله رحل عنه:
لاطفته بودادٍ أضطررتُ له ... نضعفًا وهو ذو غلٍّ وأحقادِ
ثم انصرفتُ وشيكًا عنه إذ وضَحتَ ... سُبلي ولم أتلبث لُبثةَ الزادِ
١١٠ - قال صاحب الكتاب: ويقال للأحقاد في القلوب مواقع موجعة ناكية والألسن لا تصدق على القلوب والقلب على القلب أعدل شهادة من اللسان.
-
١٥١ " قالت اعرابية تكذب منتحلًا ودها:
نبَّى لِسانُكَ عن ودِّ الضمير بما ... لم يزكُ عندي وإن أطنبت في الحلف
القلبُ يعرفُ ما في قلبِ صاحبهِ ... بشاهدٍ منهُ زاكٍ غير ذي قَرفِ
والقلبُ عدلٌ على قلبِ المُحبِّ له ... لا البثُّ بالزور عن سوءِ امرئ صَلِفِ
١١١ - قال صاحب الكتاب: ويقال الأحقاد مخوفة حيث كانت وأشدها وأخوفها ما كان في أنفس الملوك لأن الملوك يدينون بالانتقام ويرون الطلب بالوتر مكرمة وفخرًا
" ١٥٢ " قال في مثله سعدُ بن بشر بن عمرو بن مرثد في طرفة حين وشى به عبد عمرو بن بشر بن مرثد إلى عمرو بن هند أنه هجاه. فكان من حيلة عمرو بن هند في قتله ما كان. وكان بشر بن عمرو بن مرثد زوج أخت طرفة وكان طرفة قد هجاه أيضًا: لا تأمننَّ أخا حقدٍ وإن سَلفَت به الليالي في جد ولا لعبِ
فأخوف الحقد حقدُ الملك نعلمَهُ ... في حيثُ أصبح من بُعدٍ ومن قربِ
أرى الملوك وفي الأنباء موعظةٌ ... تدين لله بالإعزاز والطلبِ
بالوتر تعتده فخرًا ومكرمةً ... وذلك النسب المشهور للعربِ
1 / 15
١١٢ - قال صاحب الكتاب: ويقال لا ينبغي للعاقل أن يغتر بسكون الحقد، فانما الحقد في القلب مثل الجمر المكتن ما لم يجد حطبا والحقد لا يزال يتطلع إلى العلل كما تبتغي النار الحطب فإذا وجدته استعرت استعارا. وكذلك الحقد إذا وجد فرصته اشتعل ولم يطفئه كلام ولا رفق ولا لين.
" ١٥٣ " قال حَجْلُ بن نضلة في النُّعمان بن المنذر واغتراره بزيد ابن عدي بن زيد ومكايدته إياه حتى حرّض عليه كسرى ففعل به ما فعل:
اغترَّ أن قال قد باخت شرارتهُ ... والحقدُ يكتنُّ مثل النارِ في الحجرِ
حتى يوافي بها جزلًا فيُضرِمُهُ ... بالاشتعال اضطرامًا ظاهر الشَّرَرِ
والحقد يكتنُّ ما لم يلق فرصتَهُ ... على طلُّعهِ من خفيةِ الفكر
فحين يعترض اللا،،، يطالبُها ... من حيثُ يمكنُ في عُسرٍ وفي يُسُرِ
جد اشتعالًا فلا رفقٌ ولا ملقٌ ... يُطفي تَضَرُّمهُ ما جدَّ في الأثرِ
١١٣ - قال صاحب الكتاب: ويقال أكيس الأقوام من لم يلتمس الأمر بالقتال ما وجد إلى غيره سبيلا فإن النفقة في الحرب من الأنفس، وسائرُ الاشياء النفقة فيها من الأموال لا من سواها.
" ١٥٤ " قال جويس السدوسي: لا تجعل الحرب ما تبدا به أحدًا إذا وجدت سبيلًا غيرها أبدًا
فالحربُ سوقٌ، نُفوسُ الناس سلعتُها ... تُشرى وتُنفق لا مالًا إذا وردا
وسائر النفقات المالُ تبذُلُهُ ... فيما تُحاول وزنًا كان أو عددا
١١٤ - قال صاحب الكتاب: ويقال لا تتهاون بالضعيف من أمر العداوة فان الحشيش الضعيف يجمع فيقتل منه حبل وثيق لو شد به فيل مغتلم أوثقه
" ١٥٥ " قال في مثله شمخ بن عوف الفزاري لحُذيفة بن بدر في تدريه على قيس بن زُهير بن جذيمة في مطالبته منه السبق وهو في مجاورته:
لا تَستهن بضعيفِ الأمر تحقرُه ... من العداوةِ في حال من الحالِ
فكم ضعيفٍ تأتى مثلهُ نفرًا ... فاستنزلوا صاغرًا ذا قوةٍ عالِ
١١٥ - قال صاحب الكتاب: ويقال لو ان امرءا توسد النار وافترش الافاعي والتحف العقارب كان أحق أن يهنئه النوم عليها من قرب صاحب ملازم ذي عداوة يريد به نفسه
" ١٥٦ " قال هُدبة بن خشرم العُذري:
مقاربة الليث الهصور وغيره ... من الأفعوان الصِّلِّ حين يُساوره
أحق وأحرى أن تبيت لديهما ... على الأمن في ليلٍ تُخاف غوائرُه
من الصاحب الفرد القريب مُعاديًا ... إذا كان في جيران بيت تُجاوره
وبغيتُهُ إتلافُ روحك جاهدًا ... بكلِّ سبيلٍ مُرصدٍ لك عابرُه
١١٦ - قال صاحب الكتاب: ويقال الضرس المأكول لا يزال صاحبه منه في ألم حتى يقلعه
" ١٥٧ " قال معمر بن عمارة الأسلمي:
إذا كنت ذا ثوبٍ تُشان بلبسه ... فعُريانُ منهُ أنت في الناسِ أعذرُ
١١٧ - قال صاحب الكتاب: ويقال الطعام إذا غثت منه النفس وجاشت فالراحة منه قذفه
" ١٥٨ " قال عربة بن غلباء الغساني:
أخٌ نالني منهُ بغيظِ تجرُّمٍ ... لديَّ أثيرٌ حيثُ حلَّ حبيب
أرحت بإبعاديه نفسي من الأذى ... بقذفيه مجرى الريح وهي هبوبُ
١١٨ - قال صاحب الكتاب: ويقال العدو المخوف دواؤه فقده
" ١٥٩ " قال ابن غزية الضبي:
دواؤك إذ قرُبت وأنت صلٌّ ... بعادُكَ أن أراك وأن تراني
١١٩ - قال صاحب الكتاب: ويقال ليس للعدو الحنق الذي لا يطاق ولا تمكن الفرصة فيه إلا الهرب منه
" ١٦٠ " قال نصر بن ورقاء الحرشي: إذا كنت مظلومًا ومالك ناصرٌ فجدك في الإيغال في الأرض هاربا
١٢٠ - قال صاحب الكتاب: ويقال إذا لم تقو على العدو فالفدية امثل
" ١٦١ " قال أسعد في الذلفاء: أخافُ بإن أحاربها فأردى فترضى حين أضرَعُ مُستكينا
١٢١ - قال صاحب الكتاب: ويقال الاصطبار على الغربة والضنك في المعيشة خير من الخضوع للعدو الخسيس
" ١٦٢ " قال ابن عويمر بن الذيال النخعي:
لجوبٌ في البلاد بغير زادٍ ... وضنكٌ في المعيشةِ لا يزول
أخفُّ عليَّ من ذُلي لوغدٍ ... خسيس حين أضرعُ يستطيل
1 / 16
١٢٢ - قال صاحب الكتاب: ويقال قارب عدوك بعض المقاربة تنل حاجتك إليه ولا تقاربه كل المقاربة فتهون عليه ويجترئ عليك فان مثله مثل العلم المنصوب في الشمس إذا أملته قليلًا زاد ظله، فان جاوزت الحد في الإمالة انتقص.
" ١٦٣ " قال في مثله مرداد المازني: ونابذني بالجهل من غير إحنةٍ عدوٌّ حسودٌ ناطقٌ بالمعائِبِ
فقاربتهُ لا أن في ذاك حاجةٍ ... إليه فيستعلي لبعضِ التقارُبِ
وألبستُهُ ثوبًا من الخزي ظاهرًا ... وألزمتهُ السوآء من كُلِّ عائِبِ
ولو أنني قاربتُه القربَ كُلَّهُ ... لهُنتُ عليه في جميع المذاهبِ
١٢٣ - قال صاحب الكتاب: ويقال الحازم لا يأمن عدوه على حال: فإنه إن كان بعيدًا لم يأمن مغاورته، وان كان قريبًا لم يأمن مناجزته، وان كان مطردًا لم يأمن كرَّته، وان كان وحيدًا لم يأمن مكره
" ١٦٤ " قال عنترة العبسي يوم الجون الكندي وامر بطلبهم وهم مجتازون:
لا تأمننَّ عدوًا كيف كان على قُرب من الدارِ أو بُعدٍ على حال
أكان مُنهزمًا أو كان مُطردًا ... أو مفردًا كان أو ذا جحفلٍ عال
أو ناسكًا كان في طمرين بينهما ... شخصٌ ضئيلٌ أخو عُسرٍ وإقلال
في أي حالاته لا تأمنن لهُ ... ما كان مكرًا بإدبار وإقبال
البس لهُ حذرًا واشهر ملابسهُ ... تستغنِ عن ناصرٍ في حربه والِ
١٢٤ - قال صاحب الكتاب: ويقال لكل حريق مطفئ فللنار الماء وللسم الترياق وللعشق الالتقاء وللحزن الصبر ونار الحقد لا يطفئها شيء
" ١٦٥ " قال ركاض الدُّبيري: سأطفي حرارات الفؤاد من الهوى بغير التقاء حين تسنو لواهبهُ
كما ضرم النيران ادمان مشعل ... طفته بغير الماء قدمًا ثواقبه
وأصبر للأحزان منك زنارها ... فإطفاؤها بالصبرِ ما جدَّ غالبه
فكيفَ بحقدٍ منك في القلبِ راسخِ ... ولا شيءَ يُطفيه فقد عزَّ جانبه
١٢٥ - قال صاحب الكتاب: ويقال من أقلعت عنه الحمى استراح قلبه، ومن وضع عنه الحمل الثقيل اراح متنه ومن أمن عدوه أمن ليله وثلج صدره
" ١٦٦ " قال ركاض الدبيري أيضًا:
وفدحني حِملٌ ثقيلٌ حملتُهُ ... من الحُبِّ لا تقوى عليه النوازلُ
وأسهر ليلي إنه عاد شائنًا ... عدُوُّ أخلائي الذين أُنازلُ
فلما سلوتُ الحُبَّ ألقيت ثقلهُ ... وثقلُ الهوى لا كان للمرء شاغلُ
فبتُّ مُراح الظَّهرِ هادٍ في الهوى ... رمتني العدى فاستدبرتني العواذلُ
١٢٦ - قال صاحب الكتاب: ويقال العاقل وان كان واثقًا بقوته ورأيه لا يحمله ذلك على ان يجني على نفسه عداوة وبغضة، ولا يغتر بعداوة ضعيف اتكالًا على ما عنده من القوة والرأي كما أن الطبيب وان كان عنده الترياق وادوية السموم لا يحمله ما عنده من ذلك على شرب السم اتكالًا عليها
" ١٦٧ " قال حصين بن زُهير للربيع بن زياد حين فعل باخيه قيس ما فعل من اخذ أدراعه:
إذا كُنتَ ذا رأيٍ وعقل وقوةٍ ... على ثقةٍ الا تُنازع في خَطب
فلا تجتن البغضاء من متقربٍ ... إليك وتستعِ العداوة بالعتب
وإياك لا تستضعفن مُقلًا ... لوهن الذي يبدي وبأسك في الحربِ
فإن البصير الطبَّ لا يركب الذي ... يُحاذرُ في الإمحال من صاحبٍ مُربي
فيشرب سُمًا باتكالٍ على الذي ... لديه من الترياق أو محكمِ الطبِّ
ولا يلتبس يومًا عليك فإنه ... هو العقلُ في بُعدٍ يُحاذر أو قربِ
١٢٧ - قال صاحب الكتاب: ويقال إنما يستخرج ما عند الرجال ولاتهم وما عند الجنود قادتهم وما في الدين والتأويل علماؤه
" ١٦٨ " قال الحجاج لما أمر بقتل مُحرز بن لقيط متمثلًا:
خبرتك لما كنت انت رعيةً ... فلم يخف عني منك جدٌ ولا هزْلُ
كما اختبر المكنونَ قائد عُصبةٍ ... فلم يعي عنهُ من دفائنهم دَخلُ
فأصبحت ذا علمٍ بك اليوم باطنٍ ... كما علم التأويل ذو العلم لا أغلو
1 / 17
سأبلُغُ فيكَ الحقَّ بالعدل حاكمًا ... بما حده في مثل أمثالك العدلُ
١٢٨ - قال صاحب الكتاب: ويقال كثرة العمال إذا لم يكونوا مجزين مضرة بالعمل فان العمل ليس رجاؤه بالكثير منهم ولكن بالقليل من صالحيهم، كالرجل الذي يحمل حجرًا ثقيلًا فيجهد نفسه ولا يصيب به ثمنًا، وآخر يحمل الياقوت فلا يثقله ولا يجهد نفسه ويصيب به أكثر من امله
" ١٦٩ " قال لبيد بن ربيعة:
إذا كثر الإخوانُ في العمل الذي ... تحاولهُ في كلِّ عيبٍ ومشهد
ولم تك للإجزاء فيه مُبالغًا ... فذاك مع الإضرار أفسدُ مُفسدِ
ولكن قليلُ الصالحين بنُصحهم ... تُتِمُّ لك الأعمال في كُلِّ محفَدِ
" ١٧٠ " وقال عبد الحجر بن أمية بن أبي الصلت: إذا حمل الصخر امرؤٌ كان حملهُ ثقيلًا غيرَ ما طائلِ الرِّفدِ فإن حَمَلَ التبر العزيز فإنه كثيرٌ خفيفٌ مُبلغٌ أسعد الجدِّ
١٢٩ - قال صاحب الكتاب: ويقال الرجل يحذره السلطان إذا كان قد أطيلت جفوته أو كان شرها حريصًا أو كان أجرم جرمًا مع نظراء له فعفي عنهم دونه، أو عُوقبوا جميعًا فبلغ منه ما لم يبلغ منهم، أو كان قد أبلى بلاء حسنًا مع نظراء له ففُضلوا عليه في المنزلة والجاه، أو كان غير موثوق به في الدين، أو كان يخاف في شيء مما ينفعه عند السلطان ضررًا، أو كان لعدو السلطان مُوادًا فكل هؤلاء ليس للسلطان حقيقًا بالاسترسال إليهم والثقة بهم والائتمان لهم.
" ١٧١ " قال المُسيب بن علس أعشى بني قيس بن ثعلبة:
لا تأمننَّ امراءًا أورثت مُهجته ... حقدًا عليك فان الحُرَّ ينتقِمُ
أطلت جفوته والمرء ذو شره ... مُستشعر الحرص حتى ناله العَدَمُ
وآخرًا كان في قومٍ ذوي جُرمٍ ... عاقبتهُ دونهم جورًا بما اجترموا
أو كان أبلى وأقوامٌ عرفت لهُم ... من دونه فضلُ ما أبلوا وما غنموا
أو كان يخشاك ضُرًا في منافعهِ ... أو نقصِهِ من جزيلٍ حين يُقتسمُ
أو كان ليس بذي دينٍ وكان إلى ... أعدائكَ الخرزِ ما تُصغي وتعتصمُ
لا تأتمنهم ولا تجعلهُمُ ثقةً ... فيما ألمَّ وإن بروا وإن خدموا
١٣٠ - قال صاحب الكتاب: ويقال يؤتى الملك من ست خصال: من الحرمان والفتنة والهوى والفظاظة والزمان والخُرق فأما الحرمان فمن الأعوان والنصحاء والساسة ومن أهل الرأي والنجدة والأمانة. واما الفتنة فبحرب الناس ووقوع الحرب بينهم. واما الهوى فالإغرام بالنساء واللهو والصيد وما أشبه ذلك. وأما الفظاظة فالإفراط في الشدة حتى يستعمل اللسان بالشتم واليد بالبطش في غير موضعه. وأما الزمان فيما يصيب الناس من نقص السنين والموتان. وأم الخرق فإعمال الشدة في موضع اللين وإمال اللين في موضع الشدة.
" ١٧٢ " قال الأبرص، وهو أبو عبيد بن الأبرص، يعدد الخصال وغيرها في حجر بن عمرو أبي امرئ القيس بن حجر ويحرض بني أسد على قتله:
علام نُطيع المُترف الملك الذي ... تردى خلالًا كُلُّهنَّ مُشينُ
فأكبرها الحرمان والفتنة التي ... بها نال منا القهر وهو غير غبين
فلا وزراء يعرفون نصيحةً ... ولا خل صدقٍ يعتريه أمينُ
ولا أهل رأيٍ لا ولا أهل نجدةٍ ... فيعرف منهم صاحبٌ وخدينُ
يسومُ بعزٍّ من أطاع بغلظةٍ ... ويُدني الذي يعصيه فهو قرينُ
ويشتدُّ في وقتٍ به اللين واجبٌ ... وحين يكون الشدُّ فهو يلين
وأُغرم بالنسوان فاْحتقب التي ... هي العار والشنعاءُ حيثُ يكونُ
وبالسُّكرِ واللهو الذي هو سُبةٌ ... عليه وخزيٌ حيثُ حلَّ يشينُ
رُمينا به قحطًا وموتًا فقد أنت ... علينا سنونٌ بعدهُنَّ سنونُ
نُسامُ بخسفٍ لا يُناوى وليدهُ ... ومأتاة آفاتٍ لهنَّ فُنونُ
فكيف نرى الإبقاء لا كان مُترفا ... عليه وقتلُ الظالمين يهون
بني أسد شدوا المآزر وارحضوا ... بمقتله عار الحياة وصونوا
1 / 18
بتعجيله الأحسابَ فالمرءُ نُهزَةٌ ... لمفترضٍ دون الجميع رهينُ
١٣١ - قال صاحب الكتاب: ويقال إذا عرف الملك من الرعية والصحابة رجلًا قد ساواه في الرأي والهيبة والمنزلة والمال والتبع فليصرعه فانه إن لم يفعل به ذلك كان هو المصروع
" ١٧٣ " قال أبو داود الايادي واسمه جارية بن الحجاج لجذيمة الأبرش يحضه على قتل نديمه العبادي أحد الاثنين اللذين يضرب بهما المثل:
بَررت ولم يستأهل البر ساعةً ... دناءةُ نفسٍ في خمول من الذكر
وقدمته دون الأنام مُرفهًا ... تُرشحهُ في سرِّ أمرك والجهر
فأصبح ذا رأي وعلم وهيبة ... ومنزلةٍ في الناس سامية القدر
وحتى تراءته العُيون جلالةٍ ... وساواك في الأتباع والنَّهي والأمرِ
وقال بفعل لا يُردُّ مقالهُ ... وسطوة ذي بأسٍ تُزيَّنُ بالوفرِ
فلم يبقَ إلا أن يعضك عضةً ... فتصبح مسلوب التملك في سترِ
فان لم تُغيِّرْ ما به فاحذر التي ... تخافُ فإن الموتَ يُدفَعُ بالحذرِ
١٣٢ - قال صاحب الكتاب: ويقال خير الاخوان أقلهم مصانعة في النصيحة
" ١٧٤ " قال بعض المتقدمين:
وخيرُ الأخلاءِ الصحيحُ إخاؤهُ ... ومن لم يُصانِع في نصيحةِ صاحبِ
١٣٣ - قال وخير النساء الموافقَة
" ١٧٥ " قال كعب بن زهير: وخيرُ نساء الدهر ما وافق الفتى وكان لها فهمٌ وعقلٌ يزينُها
١٣٤ - قال: وخير الاعمال احلاها عاقبة وخير البر صلة الرحم وخير الثناء ما كان على أفواه الاخيار
" ١٧٦ " قال عمر بن عبد العزيز لطُريح بن إسماعيل الثقفي: أنشدني أبياتًا يكون فيها نصح ومعتبر فأنشده:
وأفضل أعمال الفتى الزادُ للتي ... تدوم وتحلو لي عليها العواقب
وافضل برٍّ بِرُّكَ الرحمَ التي ... عليها تُجازى آجلًا بالرغائِبِ
وحُسْنُ ثنا الأبرار في كُلِّ محفلٍ ... يدوم له ما جدَّ في السيرِ راكبُ
١٣٥ - قال صاحب الكتاب: يقال أشرف السلطنة ما لم يخالطها بطر
" ١٧٧ " قال عبيد الله بن قيس الرقيات في محمد بن مروان بن الحكم:
وزيَّنَ سُلطانَ الأمير مُحمَّدٍ ... خصالٌ هي المجدُ الذي ليس يُنكرُ
حياءٌ ودينٌ والتواضعُ للتي ... يُؤملُ فيها الفوزَ في يومِ يُحشَرُ
فلا بطرٌ في ملكه وتجبُّرٌ ... ولا كبرياءٌ مِنهُ تُخشى وتحدذر
" ١٧٨ " وقال عبيد الله أيضًا فيه:
مُلكُه مُلكُ قُوةٍ ليس فيه ... جبروتٌ يُرى ولا كبرياءُ
١٣٦ - قال صاحب الكتاب: ويقال أغنى الأغنياء من لم يكن للحرص أسيرًا
" ١٧٩ " قال عُبيد الله بن عمر في أخيه عبد الله:
غنيتَ فما أصبحت للحرص غانيًا ... بحسنٍ قنوعٍ والقنوعُ هو اليُسْرُ
١٣٧ - قال صاحب الكتاب: ويقال خير الأصدقاء من ترك المزاح
" ١٨٠ " قال أبو كدام جدّ مِسعر بن كدام وروي لمِسعر في ابنهِ كِدَام:
إني محضتك يا كِدامُ نصيحةً ... فاسمع مَقال أبٍ عليك شفيق
أما المزاحُ مع المرءِ فدعهما ... خُلقانِ لا أرضاهما لصديقِ
إني بلوتها فلم أحمدْهُمَا ... لِمجاورٍ جارٍ ولا لرفيقِ
١٣٨ - قال صاحب الكتاب: ويقال خير الاخلاق ما كان اعونها على الورع
" ١٨١ " قال عبيد الله بن قيس الرقيات في مصعب بن الزبير: له خُلقٌ يُنزِّههُ كريمٌ عن الفحشاء والفعل المعيب
وفيه سماحةٌ ووقار هديٍ ... مع العلم المُزين للاديبِ
واحيي من مُخدرةٍ حياءٍ ... وأشجعُ من أسامةَ في الحروب
١٣٩ - قال صاحب الكتاب: ويقال لا تعلن عقوبة من لم يعلن ذنبه فإن لكل ذنب عقوبة، فالذنب السر عقوبة السر ولذنب الاعلان عقوبة الاعلان
" ١٨٢ " قال الفرزدق:
أسرَّ فعاقبتهُ خفيةً ... وملُك في الحكمِ لا يجهلُ
وأعلن ذنبًا فعاقبتهُ ... علانية فعل من يعْدِلُ
1 / 19
١٤٠ - قال صاحب الكتاب: ويقال السلطان إذا كان صالحًا ووراءه وزراء سوء منعت الخاصة خيره والعامة عدله مثل الماء الصافي العذب فيه التماسيح فلا يستطيع أحد دخوله والاستسقاء منه وان كان محتاجًا.
" ١٨٣ " قال الفرزدق أيضًا:
لئن كُنت مَلكًا ذا صلاحٍ مُطهرًا ... لمن وزراء السوء أنت معيبُ
أليس الذي تختصه غير آيب ... بخيرٍ ولا راجٍ جداك غريبُ
ولا العدلُ نرجوه الأنام فما لنا ... إلى غير باري الخلق فيك مُجيبُ
" ١٨٤ " وقال جرير لابن عمر بن عبد العزيز:
لئن كنت ممنوعًا نوالك إنه ... ليحرمنيه ظالمٌ وحسودُ
كما حرم الروادُ مرتع روضةٍ ... حمت سُبلها من أن تُرام أسودُ
١٤١ - قال صاحب الكتاب: ويقال يصيب الملك الظفر بالحزم والحزم باجالة الرأي والرأي بتحصين الأسرار
" ١٨٥ " قال أمية بن أبي الصلت:
بالحزمِ تظفرُ قبل البأس والجلد ... والحزم بالرأي تجنيهِ مدى الأبدِ
والرأي تحصينُ أسرار ترومُ بها ... إدراك حاجك في قربٍ وفي بُعدِ
" ١٨٦ " أخذ هذا المتنبي فقال:
الرأي قبلَ شجاعة الشُّجعان ... هي أولٌ وهو المحلُّ الثاني
فإذا هُما اجتمعا لنفسٍ حُرَّةٍ ... بلغت من العلياءِ كُلَّ مكانِ
١٤٢ - قال صاحب الكتاب: يُطلع على أسرار الملوك من قبل أربعة وجوه: من قبل النساء أو من قبل صاحب الرأي أو من قبل الحشم أو من الرسل المستعلمين الخبر
" ١٨٧ " قال القطامي: فحصِّنِ السِّرَّ عن قومٍ ذوي ثقةٍ من النساءِ وعن ذي الرأي والحشمِ
١٤٣ - قال صاحب الكتاب: ويقال من حصن سره كان له من تحصينه أمران: إما ظفر بما يريد وإما السلامة من عيبه وضرره، ان أخطأه ما كان يؤمل من الظفر
" ١٨٨ " قال عبيد بن الأبرص الأسدي:
أحصن سري فالسلامةُ سترهُ ... من العيب إن أخطأتُ ما كنتُ أطلبُ
فإن أنا لم أخطئ وكنتمُظفرًا ... فسترُ الذي قد كان مِني أصوبُ
١٤٤ - قال صاحب الكتاب: ويقال إذا كان الملك محصنًا للأسرار متخيرًا للوزراء مهيبًا عند العامة بعيدًا من أن يعلم ما في نفسه أحد، لا يضيع عنده حسن بلاء ولا يسلم منه ذو جرم وكان مقدرًا لما يفيد وما ينفق كان خليقًا بأن لا يسلب صالح ما أوتي
" ١٨٩ " قال عدي بن زيد في المروداخ بن بخت نصر وضربه مثلًا للنُّعمان بن المنذر في حبسه:
ألا في الوَّلِ الماضي اعتبارٌ ... لذي عقلٍ أخي فهم بصير
تخيَّر للوزارة من رعاه ... بإشفاقٍ ونُصحٍ في الأمورِ
وحصَّن سره فعلا مهيبًا ... يُجازي القُلَّ بالجمِّ الكثيرِ
من الإحسان والإكرام فعلًا ... يُزانُ به إلى يومِ النُّشور
وأنفق ما أفاد بحسن هدي ... وتقديرٍ بلا سرفٍ مبير
وأجمل في الرعية منه رأيًا ... كفاه علم أخبار الخبير
يُلاحظ من دنا بثبات ذهن ... فيعلم بالضمير هوى الضميرِ
وواتاهُ الزمانُ تدبيرٌ وحَزمٌ ... من الموت المنغِّص للسُّرورِ
وما يبقى على الأيام باقٍ ... سوى ذي العزةِ الرَّبِّ القديرِ
١٤٥ - قال صاحب الكتاب: ويقال من السر ما يدخل فيه الرهط، ومنه ما يدخل فيه الرجىن، ومنه ما يدخل فيه الواحد، ومنه ما لا ينبغي أن يطلع عليه أحد
" ١٩٠ " قال الراعي النميري:
وللسر حالاتٌ فمنهُ جماعةٌ ... ومنه نحيان وأحزمها الفرد
وأفضل منها صون سِرك كاتمًا ... إلى الفرص اللاتي يُنال بها الجَدُّ
١٤٦ - قال صاحب الكتاب: ويقال يعتبر المرسل برأي رسوله ونفاذه فمن كان شأنه اللين والمواتاة أنجح في الرسالة. والرسول يُلين القلب إذا رفق ويخشن الصدر إذا خرق لأنه مبلغ غير ملوم.
" ١٩١ " قال سوادة الحروري في رسول المهلب بن ابي صفرة:
ولما اختبرنا ظالمًا برسولهِ ... وجدناهُ ذا رأي سخيفٍ مُظلا
شبيه أبيه في أسمه وفعاله ... ومستأجرًا يُعطى إذا الشَّهرُ أكملا
1 / 20