وأما الإمام أحمد نفسه فقد قال الأثرم١: "سألت أبا عبد الله عن حديث ابن عباس: كان الطلاق الثلاث على عهد رسول الله ﷺ وأبي بكر، وعمر واحدة بأي شيء تدفعه؟ " قال: "برواية الناس عن ابن عباس من وجوه خلافه"٢، فقد صرح بأنه إنما ترك القول به لمخالفة راويه٣ له، وأصل مذهبه وقاعدته التي بنى عليها: أن الحديث إذا صح لا يرده بمخالفة راويه٤ له، بل الأخذ عنده بما رواه، وعلى أصله يخرج له قول: أن الثلاث واحدة، فإنه إذا صرح بأنه إنما ترك الحديث لمخالفة الراوي، وصرح في عدة مواضع: أن مخالفة الراوي لا توجب ترك الحديث خرج له في المسألة قولان"٥.
ثم قال ابن القيم٦: "فجاء أئمة الإسلام فمضوا على آثار الصحابة قاصدين رضى الله ورسوله٧، وإنفاذ دينه، فمنهم من ترك القول بحديث ابن عباس
١ هو: أبو بكر أحمد بن محمد بن هانئ الإسكافي الأثرم الطائي، الحافظ، العلامة، تلميذ الإمام أحمد، نقل عنه الكثير من المسائل، له العديد من المصنفات منها: (السنن)، (الناسخ والمنسوخ في الحديث)، (علل الحديث) مات سنة (٢٧٣هـ) وقيل غير ذلك.
ترجمنه في: طبقات الحنابلة ١/٦٦، المقصد الأرشد: ١/١٦١، المنهج الأحمد: ١/٢١٨.
٢ المغني: ١٠/٣٣٤، وحديث ابن عباس سبق تخريجه ص١٩٢.
٣ في (ب) "رواية".
٤ في (ب) "رواية".
٥ إعلام الموقعين: ٣/٣٥.
٦ إعلام الموقعين: ٣/٣٧.
٧ في (ب) "رضى ورسوله".