حَقِيقَة ومجازا تبعا لكَونهَا مَوْضُوعَة لشَيْء قبل اسْتِعْمَال الْمُسْتَعْمل حَتَّى إِن استعملها الْمُسْتَعْمل فِيمَا وضعت لَهُ كَانَت حَقِيقَة وَإِن استعملها فِي معنى آخر كَانَت مجَازًا وَأَسْمَاء الألقاب لم تقع على مسمياتها الْمعينَة بِوَضْع من اهل اللُّغَة وَلَا من الشَّرْع حَتَّى يكون من اتبعهم فِيهَا فِي اصل موضوعهم كَانَ قد استعملها على الْحَقِيقَة وَمن استعملها فِيهِ على طَرِيق التبع كَانَ متجوزا بهَا
وَمن احكام الْحَقِيقَة وَالْمجَاز أَن لَا يَخْلُو مِنْهُمَا كَلَام وَضعه أهل اللُّغَة لشَيْء وَاسْتَعْملهُ الْمُسْتَعْمل فِيمَا استعملوه لِأَن الْمُتَكَلّم بِهِ إِذا عني بِهِ مَا عناه اهل اللُّغَة فإمَّا أَن يَعْنِي بِهِ مَا عنوه فِي الأَصْل فَيكون حَقِيقَة أَو على سَبِيل التبع فَيكون مجَازًا
وَمن احكام الْحَقِيقَة وَالْمجَاز أَنه لَا يجوز أَن يكون اللَّفْظ مجَازًا فِي شَيْء وَلَا يكون حَقِيقَة فِي غَيره وَيجوز أَن يكون حَقِيقَة فِي شَيْء وَلَا يكون مجَازًا فِي غَيره أما الأول فَلِأَن الْمجَاز هُوَ مَا أفيد بِهِ معنى فِي الْمُوَاضَعَة غير مَا وضع فِي أَصْلهَا وَهَذَا تَصْرِيح بِأَنَّهُ قد وضع فِي الأَصْل لشَيْء آهر فاللفظة مَتى اسْتعْملت فِيهِ كَانَت حَقِيقَة وَأما الثَّانِي فَلِأَن الْحَقِيقَة هِيَ مَا افيد بهَا مَا وضعت لَهُ وَلَيْسَ يُوجب كَونهَا مَوْضُوعَة لشَيْء أَن تكون مستعملة فِي غَيره على طَرِيق التبع
وَمن حكم اللَّفْظ أَن يحمل على حقيقتة إِذا تجرد وَلَا يحمل على مجازه إِلَّا لدلَالَة لِأَن وَاضع الْكَلَام للمعنى إِنَّمَا يَضَعهُ ليكتفي بِهِ فِي الدّلَالَة عَلَيْهِ وليستعمله فِيهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ إِذا سمعمتوني أَتكَلّم بِهَذَا الْكَلَام فاعلموا أنني أَعنِي بِهِ هَذَا الْمَعْنى وَإِذا تكلم بِهِ مُتَكَلم بلغتي فليعن بِهِ هَذَا فَكل من تكلم بلغته فَيجب أَن يَعْنِي بِهِ ذَلِك الْمَعْنى وَلِهَذَا يسْبق إِلَى أفهام السامعين ذَلِك الْمَعْنى دون مَا هُوَ مجَاز فِيهِ وَلَو قَالُوا لنا فِي الْمجَاز مثل ذَلِك لَكَانَ حَقِيقَة وَلم يكن مجَازًا
والحقيقة قد يجوز أَن تصير بِالشَّرْعِ اَوْ بِالْعرْفِ مجَازًا فِيمَا كَانَت حَقِيقَة فِيهِ وَيجوز أَن يصير بهما الْمجَاز حَقِيقَة فِيمَا كَانَ مجَازًا فِيهِ
1 / 28